شعار قسم مدونات

عن ناهض حتر و أزمة التوصيف

blogs-حتر وبشار
لقد بلغ تجهيل المسلمين طوراً أصبحوا فيه منبتّين عن واقعهم عاليَهم ثياب هوان غير واعين مآزقهم لا علةً أدركوا ولا حلاً أنجزوا، حتى أُرتج عليهم واستخفهم من أراد بما أراد فأطاعوه، وساغوا في أفواه أصحاب المشاريع الكبرى إذ هم شَعَث لا يملكون مشروعهم المضاد.
 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير، ولكنّكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعنّ الله من صدور عدوّكم المهابة منكم وليقذفنّ الله في قلوبكم الوهن، فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت. مسند الإمام أحمد.
 

من يتابع الضجة المثارة حول اغتيال الكاتب الصحفي الأردني ناهض حتر الذي نشر رسماً مسيئاً لله تعالى يستشعر الوهن الذي هبطنا إليه ودفع كثيرين إلى أن يستنكروا الحادثة بكلام غثيث وأساليب مبتذلة وعواطف متهتّكة بعيدة عن التشخيص السليم للمشكلة والغور في أسبابها، فاكتفوا بإدانة (الجريمة) -على حد وصفهم- وجعلِ ناهض بطلاً مات في سبيل الكلمة برصاص (متطرف)!
 

فكيف ارتأى مراسل قناة الجزيرة حسن الشوبكي أن يسمي ناهض حتر (صاحب رأي)؟! فمتى كانت الإساءة إلى أقدس مقدسات المجتمع رأياً؟!

كتأثر بعض موالي طاغية الشام بمقتل الكافر المؤيد له المستهزئ برب العالمين، فوصل به الأمر إلى أن يسمي موته ارتقاءً ويخلع عليه لقب (شهيد البحث عن الحقيقة) بينما لم تحرك أحاسيسه (المرهفة) إبادة المسلمين في حلب وعموم سورية على أيدي أمم الكفر الروسية الإيرانية الأمريكية وذيلهم بشار!
 

ومع إسهاب "الجزيرة" في تفصيل القضية ارتكبت خطأً شنيعاً بوصف مجرم "صاحبَ رأي"، فمتى كانت الإساءة إلى أقدس مقدسات المجتمع رأياً؟! نعم، لقد كان ناهض حتر مجرماً شارك في سفك دم السوريّين بمساندته قاتلَهم وحجّه إليه في دمشق غير مرة ولا مرتين وتغريدته الناضحة دماً وكفراً: "ليس حزب الله في القلمون بل الله نفسه".
 

إنها جرائم موصوفة بالجملة أقلها تحريض على القتل وأكبرها السخرية من الله عزّ وجلّ، فكيف ارتأى مراسل قناة الجزيرة حسن الشوبكي أن يسميه "صاحب رأي"؟! لم يكن إهلاك ناهض حتر وأمثاله من الحوادث لتقع في بلادنا العربية لو وجد الناس حكومات تعظّم حرمات المسلمين وقضاءً عادلاً يردع من تسوّل له نفسه مسّ مقدَّس، ولكن من ننادي؟!
قال المتنبي قبلنا: من يهن يسهل الهوان عليه.. ما لجرح بميت إيلامُ.
 

إنما الأمل منعقد على الشعوب لا حكوماتهم، فلا تكونوا من خوف الضيم في ضيم وحتّوا عنكم قُشار الذل تبصروا عزّكم واعرفوا أدواءكم تدركوا دواءكم واعلموا أن للأمة ذماماً ممنوعاً.
((وَ لِلَّهِ الْعِزَّةُ ولِرَسُولِهِ ولِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ)). المنافقون: 8

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.