شعار قسم مدونات

"بيتزا" الوطن

blogs - lavrov

في كثير من الأحيان يحدث أن تمتلك شيئا مهماً بالنسبة إليك، ويحدث أن يُكسر وبعد انتهاء مراسم الحزن عليه،  تبدأ مرحلة الوفاء له في الاهتمام بأقسامه المتبقية كُل على حدة، ولكن الفاجعة تأتي حين يصاب بعض الأجزاء المنكسرة بكسر جديد، هذا تماماً ما يحدث لنا.

فما إن اقتنعنا أن لا جدوى من العودة كوطن واحد يضمنا جميعاً من نواكشوط إلى جسر الشغور،  حتى سمعنا أن عَرب السودان عَربين واليمن إلى يمنين.

فما عدنا نبكي على وطن الضاد الذي لن يجمعنا،، بل أصبحنا نبكي على كرم زيتون جدي بعد أن أصبح يقطعه الشريط الحدودي لبلدين.

نعم اليوم نحن أشبه بطبق لذيذ بأيدي خبراء التّذوق يتذوقونه قبل أهله ليروا ما المفيد وما المضر بهذا الطبق.

وها نحن السوريون نراقب شوكة "كيري" وسكين "لافروف" وما سينتج عن حركات أيديهم أنا مع من سأكون هل ستجمعني نفس البلد مع أقربائي في المدينة التي لا تبعد عني أكثر من (١٠٠ كم ) أم سنختلف معاً ويحتدم النقاش دولة من أفضل بعد مرور بضع سنين..!

من الذي أقنعهم أن المشكلة بالشعوب ليتم تقسيمها وعزلها عن بعضها البعض، فاليوم أخي الموريتاني يبكي على حال أخيه العراقي فما بالنا بأبناء درعا وحمص وباقي قطعة "البيتزا" التي سيتقاسموها تبعاً لمصالحهم كمن لا يحبذ الفطور فيعطيه لشريكه مقابل تعويضها بزيتون يماثل قيمة الفطور المعطى.

نعم اليوم نحن أشبه بطبق لذيذ بأيدي خبراء التّذوق يتذوقونه قبل أهله ليروا ما المفيد وما المضر بهذا الطبق.

 وهل ياترى هو حلٌ لمأساتنا لا نراه مصيبا، أم الطريقة المجربة في الإمساك بخراف عيد الأضحى تعزل الواحد تلو الآخر لتبعده عن رفاقه فيستسلم صاغراً لا حول له ولا قوة إلا أن يناقشك على ما تبقى من عظام وجبة اسمها الوطن كان له الجزء المفيد منها .

لماذا نصدقهم بأن أخ الأمس أصبح اليوم عدواً وأنهم هم ذلك المارد القابع في مصباح علاء الدين الذي سيخلصنا من ظلم عميلهم القابع على صدورنا على عرش الوراثة لأربعة عقود.

كيف أقنعوا بَعضنَا أن عزل مواردنا سيجلب لنا ازدهارا فبدون حديد العمار لن يستطيع المقاول أن ينهض بالدار، هنا دولة بنفط دون سواحل، وهنا دولة المعامل ولكن من دون مواد خام،  ومن ثم يعلموننا كيف نمنع عن جارنا الذي كان بالأمس منا شربة الماء، ليأخذوا منا مائنا بثمن بخس حسب ما اتفقنا على طبق "البيتزا" وليبيعوه لنا بأعلى الأثمان.

هل سنعي يوماً أن التنازل للوطن انتصار ؟!، وأن بيع الوطن لمُستثمِره السابق.

هكذا تفتتنا ولكن تكمن المصيبة أننا للآن ما تعلمنا كيف تبنى الأوطان والحضارات منذ سنين لم نرى دعوات للوحدة بل العكس تماماً، بتنا  نتقن أسرع طرق الفرقة والتقسيم.

سأكون صادقاً مع نفسي قبل أن أصدق معكم،  لا أعني بالوحدة وحدة الأوطان،  ولكن الخوف يكمن حتى على تلك البلدان المقسمة أساساً.

اليوم وببحث صغير لا يستغرق عدة ساعات تستطيع أن تشكل إحصائية ربما نستطيع تصنيفها بالخطرة لما تحمل نتيجتها أهمية عن مواردنا وقوتنا حال وحدتنا،  وما الذي خسرناه بذلك التشتت، فلننسى تلك الوحدة الكبيرة صعبة المنال ولنحافظ على ما لم تمسه إلى الآن خطوط التقسيم والاستعمار.

متى سنعقل أن التيس لا يُحلب و الذَئب لا يُستأمن وأن المُجرب لا يُجَرب ولو اختلف لون ربطة عنقه.

هل سنعي يوماً أن التنازل للوطن انتصار؟!،  وأن بيع الوطن لمُستثمِره السابق انتّحار؟!، وأنه مهما طال الليل حتماً سيتبعه نهار.

هل سنعي يوماً أن منع التقسيم بحد ذاته انتصار..!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.