شعار قسم مدونات

ما تصّبرنيش.. ما خلاص: الانتخابات الأميركية!

blogs - trump

ما تصبرنيش ما خلاص، أنا فاض بيا ومليت. اثبت لي انت الإخلاص.. قد تكون بعض كلمات الكبير عبدالوهاب محمد، واللواتي تغنت بهن السيدة أم كلثوم في رائعتها "للصبر حدود" أفضل ما يوصف شعور شريحة كبيرة من الشعب الأميركي تجاه الانتخابات الأمريكية والمرشحين للحزبين الديمقراطي والجمهوري.

قد يكون صعود ترامب يعود إلى تزمت كثير من الجمهوريين وبالذات المحافظين خارج الحزب من السياسيين والعملية السياسية. 

في آخر استطلاع للرأي لشعبية المرشحين أجرته شركة آي بي سي وصحيفة الواشنطن بوست الشهر الماضي، حازت المرشحة عن الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون على "انعدام الشعبية" أو "غير محببة" على نسبة 56 بالمائة بينما حصل المرشح عن الحزب الجمهوري على نسبة 63 بالمائة وأظهرت كثير من الدراسات استياء معظم الشعب الأميركي وخصوصاً النخبة من النتائج لتصفيات الحزبين والتي أسفرت عن نيل ترشح السانتور والسيدة الاولى وكذلك الوزيرة السابقة للخارجية هيلاري كلينتون والمليادير الذي أثار كثيرا من الجدل من خلال تصريحاته أو تهكماته، المرشح دونالد ترامب.

كلينتون ومشكلة الثقة
كلينتون السيدة الأشهر في الولايات المتحدة تعاني من أزمة ثقة بها من قبل الشعب الأميركي باستثناء بالطبع القاعدة الرئيسية للحزب الديمقراطي، السيدة كلنتون كانت تحت تحقيق شامل من قبل التحقيقات الفيدرالية عن قضية قتل السفير الأمريكي ومساعديه في بنغازي أثناء ثورة 17 فبراير الليبية عندما كانت وزيراً لخارجية الولايات المتحدة وأيضاً تحقيق آخر عن استعمالها بريد اليكتروني خاص بها غير حكومي ناقشت فيه معلومات سرية تخص الأمن القومي للولايات المتحدة.

تعاني كلينتون أيضاً من مشكلة "البعد عن الواقع الأميركي" فرغم أنها تربت في عائلة متوسطة الدخل إلا أنها بعدما تخرجت من الجامعة وأصبحت محامية مرموقة ودخولها دهاليز السياسة، يتصور للعامة من الشعب أنها صارت بعيدة عن إلتماس واقع العائلات في أميركا التي ما زالت تكافح لكي تعيش.

صعود ترامب إلى الواجهة
لو سألت محلل سياسي بارع في منتصف عام 2015 عندما أعلن ترامب ترشحه عن الحزب الجمهوري اذا كان له حظوظ في نيل الترشيح لربما سخر من سؤالك ذلك المحلل ولكن على غير المتوقع استطاع ترامب أن يطيح بكل منافسيه الذي وصل عددهم في فترة إلى 16 مرشح أبرزهم ماركو روبيو، كريس كرستي، ريك سانتورم، وتيد كروز.

تمّيز ترامب في إثارة النزاعات الجانبية ما بين المرشحين كالشجار الشهير في إحدى المناظرات بين كريس كرستي، حاكم ولاية نيوغرسي وعضو مجلس الشيوخ عن ولاية فلوريدا، ماركو روبيو وكثير من المتابعين للإنتخابات يجزمون أنها كانت بمثابة الضربة القاضية على حظوظ روبيو والذي حصل على دعم كبير من المنظومة الحزبية.

قد يكون صعود ترامب يعود إلى تزمت كثير من الجمهوريين وبالذات المحافظين خارج الحزب من السياسيين والعملية السياسية وبنفس الحال في الجهة الأخرى، صعد عضو مجلس الشيوخ عن ولاية فيرمونت، برنارد(برني) ساندرس والذي استطاع أن يقلق المنظومة الديمقراطية حيث كان قريباً جداً من خطف بطاقة الترشيخ من المفضلة هيلاري كلينتون، صعود ترامب وساندرز يعبر عن استياء الشعب الأميريكي من المنظومة التقليدية للحزبين ولربما قد حان الوقت للخيار الثالث الذي طالما كان وما زال ضعيفا.

هناك عدة أحزاب صغيرة أميركية -بخلاف الحزب الديمقراطي والجمهوري- والتي دائماً ما ترّكز جهودها على قضايا محددة أو أجندة مصغرة كحزب الخضر.

الخيار الثالث
منذ نشأة الولايات المتحدة كدولة ديمقراطية وهي دولة ذات اتجاهين تبلورا في حزبين،  فحتى قبل تأسيس الحزب الجمهوري من قبل الرئيس إبراهام لينكون في عام 1854 لمحاربة قانون كانساس-نبراسكا والذي كان غايته تقنين العبودية في ولايات تكاد تكون خالية منها، كان هناك دائماً رأيين يتصدران واجهة السياسة الأميركية .

فعندما كان الأمريكيون في مخاض الدولة ظهر بما يسمى "ورق الفيدراليين" من قبل المؤسسين للولايات المتحدة كـ الإسكندر هاميلتون، جيمس ماديسون، والذين دعوا إلى اعتماد الدستور الأميركي والذي ينص بوضوح على فيدرالية الدولة بينما كان هناك رأي مخالف من قبل بعض المؤسسين الآخرين كـ باترك هنري وجورج ميسن والذين كانوا يعملون على اللامركزية والتركيز على استقلالية كل ولاية عن الأخرى.

وبما أن الدستور الأميركي لا يحصر عدد الأحزاب أو عدد المرشحين إلا أنه جرت العادة منذ عهد لينكون أن يكون هناك مرشحان إثنان بارزان وقد حصل في التاريخ الأميركي أن تمكن مرشح ثالث من خطف الأضواء وخطف أيضاً نسبة لا بأس بها من الأصوات كـ إنتخابات 1865 حيث حصل جون بركنريدج عن الحزب "الديمقراطي الدستوري" على 18 بالمائة من الأصوات، وانتخابات عام 1968 حيث حصل جورج والس عن حزب "المستقلين الأميركيين" على نسبة 13.5 بالمائة من الأصوات.

هناك عدة أحزاب صغيرة أميركية والتي دائماً ما ترّكز جهودها على قضايا محددة أو أجندة مصغرة فعلى سبيل المثال، حزب الخضر دائماً ما يطرح البيئة كقضية رئيسية لبرنامجه الانتخابي، هذه الأحزاب ما زالت تقدم مرشحيها في الانتخابات في الولايات المتحدة رغم علمهم المسبق أن حظوظهم قد تكاد مستحيلة.

هذه الانتخابات أسفرت عن مرشحين غير محببين من قبل الشعب وتدني شعبية كبير لم يعرفهما التاريخ الأميركي.

فـفي عام 2000 كان المرشح الثالث عن حزب "الخضر" العربي الأميركي رالف نادر منافساً للمرشح الديمقراطي آل غور والمرشح الجمهوري آنذاك جورج بوش الإبن وحصل على 2.74 بالمائة من الأصوات. في إنتخابات 2016، هناك مرشحان من قبل الأحزاب الصغيرة، فمرشح الخضر هذه المرة هي السيدة جيل ستاين والتي أيضاً كانت مرشحة في عام 2012 وحصلت على 0.36 بالمائة من الأصوات والمرشح الآخر جيري جونسون عن الحزب "الليبرالي" والذي مؤخراً قضى على حظوظه الانتخابية بعد أن تعرض لإحراج شديد في مقابلة تلفزيونية لعدم معرفته لمدينة حلب السورية عندما تم سؤاله عن ماذا سيفعل لإنقاذ حلب إذا انتخب رئيساً للولايات المتحدة.

مليارات الدورلات تُصرف كل أربع سنوات في الحملات الإنتخابية الأميركية ومن الصعب كثيراً على الأحزاب الصغيرة منافسة الديناصورات، الديمقراطيين والجمهوريين في الحملات المالية أو الإعلامية.

قد يحصل انفراج من صداع "نظام الحزبين" إذا انقسم أحد الحزبين الكبيرين إلى حزبين وصارت هناك ثلاثة أحزاب قوية تمتع بشعبية كبيرة في الولايات المتحدة.

هذه الانتخابات أسفرت عن مرشحين غير محببين من قبل الشعب وتدني شعبية كبير لم يعرفهما التاريخ الأميركي بعد ليكون الشعب الأمريكي بين "الحديد والنار" في نوفمبر لاختيار أحد المرشحين لتكون هي أو يكون هو القائد لبلد جورج واشنطن.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.