شعار قسم مدونات

هو ليس عدوا لك

blogs - marrige

في الآونة الأخيرة ارتفع خطاب تمكين المرأة في المحافل والمؤتمرات وأصبحنا نلحظ تعاطيا كبيرا مع الملفات التي تدعي أنها ترمي إلى إدماج المرأة في الحياة السياسية.

وصيغت لهذا عدة بنود و اتفاقيات و تأسست جمعيات نسائية في ربوع وطننا العربي والإسلامي للمناداة بتمكين المرأة من حقوقها موجهة أصبع الاتهام بشكل مباشر أو غير مباشر إلى ذلك "الآدم" الذي سلبها إرادتها الحرة وعمل على مدار سنين على جعلها تابعة له مراقبة لإنجازاته من بعيد منبهرة باكية حظها كونها تلك "الحواء"التي ولدت في مجتمع عربي ذكوري أرغمها على المكوث في بيتها مكوثا سلبيا قاتلا …و أغفل على طوال عقود دورها المحوري و الريادي في خدمة و بناء الأمة..

انكسر المسلمون وانكسرت معهم المرأة..أصبح همها الوحيد أن تحافظ على عرضها و شرفها.

ورغم كل خطابات التمكين وكل هذه الزوبعات الفكرية و النظرية وحتى العملية المستقاة دائما من النموذج الغربي و التي تهدف إلى (تحريرها)، إذا شخصنا واقع المرأة العربية المسلمة فسنجد أن جميع المؤشرات تدل أن وجودها لا زال وجودا محتشما لا يكاد يتجاوز تمثيليات معدودة على رؤوس الأصابع في شتى المجالات، دون فعل مجتمعي حقيقي لها..

ولكن،أين الخلل؟ومن السبب؟هل هو فعلا ذاك الرجل؟أم هو  شيء آخر..
وهنا نقف وقفة بسيطة و نعود بالزمن الى الوراء و كما يقول أحد الصالحين "من ضيع الأصول حرم الوصول"، أي من أراد أن يصل إلى نقطة تمكين المرأة فعليه أن يطل من أعالي التاريخ…وأول ما سيجده هو منظر ذاك الرجل: اليزيد ابن معاوية ابن أبي سفيان، الذي روي أنه استباح الأعراض في عهده.

لم نشر إليه بأصابع الاتهام لأنه رجل لا،  ولكن لأنه حاكم بلاد المسلمين ولأنه  ابن معاوية الذي قال جملته الشهيرة :انا آخر خليفة وأول ملك..وكانت نقطة انكسار للتاريخ الإسلامي ،حيث كان الحكم شوريا بين المسلمين وحيث كان للمرأة كلمتها وعزتها في عهد رسول الله والخلفاء الراشدين .

و نذكر هنا نماذج عدة لصحابيات جليلات أعلين لواء الإسلام الى جانب الصحابة الكرام من قبيل: أسماء بنت عميس و الشفاء و خولة بنت الازور و غيرهن..انكسر المسلمون و انكسرت معهم المرأة..أصبح همها أن تحافظ على عرضها و شرفها في زمن استباح فيه حكام الأمة أعراض الأمة، أصبحت المرأة حبيسة دارها تخدم زوجها و أبناءها، أضحى همها الاهتمام بخويصة نفسها بعيدا عن حال المسلمين.

و يا ليت الأمر توقف هنا ..بقيت على ما هي عليه خانعة ساكتتة مستسلمة لجبروت جور السلطان نادبة حظها، إلى أن جاءتها الضربة الثانية وانكسرت الانكسار الثاني.

و الحقيقة أن للمرأة برج إستراتيجي (البيت ) تشيّد من خلاله صرح الأمة وتعيد لها عزتها الأولى.

فبعد سقوط الخلافة العثمانية جاء خونة الملة والدين يتنكرون بزي الحرية والتحرر وينادون بإخراج المرأة مما هي عليه نادوا بتحريرها من قيمها وأخلاقها و حتى من لباسها بدعوى أن الدين خنقها لقرون عديدة..

نعم يا سادة هذه الفترة سنسميها بفترة الاستعمار الغربي..حيث احتل المستعمر عقول بناتنا و أفكارهن وأوهمهن أن الدين هو من أقبرهن خلال سنين في مقبرة المذلة و الخنوع..أوهمهن أن كونهن ربات بيوت عيب وجريمة في حقهن..أوهمهن أن المرأة لن تستقيم لها قائمة إلا إذا تحررت من فطرتها السليمة..إلا إذا أنجبت أطفالا خارج مؤسسة الزواج، إلا إذا خلعت حجابها،  إلا إذا تخلت عن دينها وقيمها ومبادئها..

و الحقيقة أن للمرأة برج إستراتيجي (البيت ) تشي~د من خلاله صرح الأمة و تعيد لها عزتها الأولى من خلال تربيتها لأجيال صالحة قوية عزيزة بالإسلام ومع هذا فهي تشارك في المجتمع مشاركة بناءة في ميادين الإقتصاد و السياسة بما لا يتنافى مع قيمها وخصوصيتها ومع ما لا يتعارض مع نزولها من "برجها الإستراتيجي".

إذا المشكلة ليست في آدم..

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.