شعار قسم مدونات

أوغادين.. بين النسيان والخذلان

أوغادين

أكبر من فلسطين عشر مرة، بل هي أكبر منطقة عربية محتلة، سكانها يدينون بالإسلام وكثير منهم حفاظ القرآن ، والأغلبية الساحقة صوماليون، ولغتهم الرسمية هي الصومالية المحلية وقليل من الناس من يعرف…ومن يعرف يصعب أن يتذكر ذلك الجزء المنسي من الصومال !

 

أوغادين قضية أُريدَ لها أن تبقى منسية ، حتى لا تحظى بالتداول على الألسنة فلا تحظى حتى ضحاياها بالدعاء لمن في قلبه الرحمة

"الصومال الغربي" يمثلها الجناح الخامس للنجمة الخماسية البيضاء التي تتوسط في العلم الصومالي الأزرق ، ويسمى أيضا "أوغادين" كما يحلوا لأهلها نسبة إلى القبيلة القاطنة في تلك المنطقة،  تخضع حاليا تحت الإدارة الأثيوبية ويعرف بالإقليم الخامس حسب تقسيم الأقاليم الأثيوبية الأخرى.

الكلمات التي أريد إيصالها أبلغ من مجرد وصف جغرافي على مساحة ما من الكرة الأرضية ، وليس مقال لصحفي محايد ومحلل يخشى من طرفي نقيض أن يضربوه بسوط من التهم… لكنها حقائق مؤسفة، ومشاهد حية نقلها لنا بعض من الصحفيين الذين تسللوا إلى المنطقة وجلسوا مع الضحايا و"ليس الخبر كالمعاينة" .

وإن كانت تلك اللقطات لا تحملها هذه الكلمات، لكنها محاولة لوصف مدى المعاناة الذي لم يدركه العرب والمسلمون، ولم يلفت إنتباهم مرة واحدة، وكل من رآها بعين البصر أوالبصيرة، أو سمع قصصها كانت أقرب إليها عنده مجرد مسلسل رعب أنتجه ممثلون محترفون لكنها لم تنشر حلقاته كاملة من الشاشات لما يحمل من مشاهد مروعة ومناظر شنيعة.

المنطقة محظورة من الظهور على شاشات العالم ، ويسحقها تيارالتخلف والفقر والجهل وأنكد العيش ، ووسائل الإتصال إن وجدت فهي محصورة ببعض من المدن الكبرى، أما الحديث عن النهب والقتل وحرق القرى والإغتصاب والتشريد مشاهد متكررة من وراء الكواليس وأحداث لا تتجاوز عن قلب الحدث بدلا من أن تنفذ من حدود المنطقة أو تروى إلى مسامع العالم .

لا خوف على إثيوبيا من العار، لا تهديد ولا تنديد ولا الإعراب عن القلق من المجتمع الدولي أو العربي أو الأفريقي حول ما يجري هناك، وعدسات الكامرات لا وجود لها في أوغادين، حيث تنتشر دوريات جنود الإحتلال بشكل مكثف لمنع دخول أي نشطاء إعلاميين أو حقوقيين يحاولون الوصول إلى تلك المنطقة المعزولة عن باقي العالم .

الكفاح لأجل الحرية والاستقلال بأوغادين اغتالته يد الخذلان والنسيان ، ومن نسيهم كان أحسن ممن خذلهم

الكفاح للحرية والاستقلال اغتالته يد الخذلان والنسيان، ومن نسيهم كان أحسن ممن خذلهم … استفحم الأمر بعد أن صار الأقربون إليهم والمرجووين منهم النصرة طعنة بظهور الشباب الذين حملوا السلاح بعد أن عافت نفوسهم التجرع من تلك المحن ، ولاذوا سبيل النضال حتى يدركهم الموت.

قضية أوغادين لا محل لها في ملفات القضايا من مناطق النزاع ، فملفها في سلة المهملات ولا يعتبرها أحد بأنها قضية إسلامية أو عربية أو حتى صومالية، أبسط ما يمكن وصفها بأنها قضية منسية، ولأمر ما قُضي بالليل أُريدَ بأن تبقى منسية ، حتى لا تحظى بالتداول في الألسنة أو أقل ما يقدر لمن في قلبه الرحمة من الدعاء لضحايا أوغادين .

لا يبدوا في الأفق القريب ما يطمئن به تلك القلوب الخائفة لا بالسلام يلوح لهم فجر الفرج، ولا بالسلاح ينجلي منهم ظلام الظلم والمحن… وتستمر المأساة دون أن يتساءلها أحد، حتى يعير العالم انتباهه إليهم، ستبقى أوغادين عارا على العالم!.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.