شعار قسم مدونات

دولة جنوب السودان.. ازدواجية معايير المجتمع الدولي

جنوب السودان

في عام 2009 قرأت مقال رأي للمفكر والأكاديمي والمحلل السياسي والكاتب الفلسطيني البروفسير عبد الستار توفيق قاسم الخضر، تناول فيه ازدواجية معايير ما يسمى بالمجتمع الدولي.

و يقول، تنشغل كل وسائل الإعلام والعديد من السياسيين في العالم على الدوام بالمجتمع الدولي والالتزام بقراراته كلما ثارت قضية تبدو أنها حساسة بالنسبة لأهل الغرب( المجتمع الدولي).

ويضيف توفيق قاسم، يجري ترداد مقولات معينة حول كل قضية على اعتبار أن هناك إجماعا دوليا عليها، ويتم سرد البينات وكأنها هي الحقيقة التي لا تعلوها حقيقة، وأطراف كثيرة تتحدث عن إرادة المجتمع الدولي النافذة، وعن العقوبات التي يجب أن تلحق بمن لا يقر بها. ومن المفترض نظريا أن المجتمع الدولي هو كل الدول وكل شعوبها، وأن الجميع مشمول تحت عنوان هذا المجتمع.

الدول الغربية دائما ما تعمم مصالحها الذاتية على أنها قرارات المجتمع الدولي، و لتمريرها تستغل حاجة بعض الدول الأفريقية الفقيرة التي تستجدي المساعدات الإنسانية.

ويكمل المفكر"فعندما يقول أحد بأن هناك إجماعا دوليا فإنه من الناحية النظرية يقول بأن كل الدول قد وافقت على قرار معين أو اتفقت على قضية معينة، لكن الأمر ليس كذلك من الناحية العملية. عمليا لا يمكن الحديث عن مجتمع دولي وإنما عن طبقات في المجتمع الدولي منها من يقرر ويسمي العالم بمجتمع دولي وفق هواه ومنها من لا يقرر ويكتفي بدور ثانوي أو إلحاقي".

ودولة جنوب السودان؛ أحد ضحايا هذا الإجماع الدولي الكاذب الذي لا يسعى إلا خلف مصالح أميركا والدول الأوروبية وزبانيتهم داخل القارة الأفريقية ودولها كما وصفها عبد الستار، فهي عبارة عن دول فاسدة إداريا وماليا وحكامها "شهوانيون" وشعوبها "خاملة كسولة" تستجدي العون والمساعدات من الآخرين ولا طموح لديها ولا وزن لها على الساحة الدولية، وأدوارها تبعية تخلو من التحصين أو الشعور بالكرامة الذاتية.

والدول الغربية دائماً ما تعمم مصالحها الذاتية على أنها قرارات المجتمع الدولي، ولتمريرها تستغل حاجة بعض الدول الأفريقية الفقيرة التي تستجدي المساعدات الإنسانية من أميركا وأوروبا، وكلها قرارات مليئة بالنفاق والمصالح القذرة للغرب التي تتعامل مع قضية جنوب السودان بازدواجية تفوق ازدواجيتها في قضية محكمة الجنائيات الدولية الـ(I.C.C).

وهي المحكمة التي برأت الرئيس الكيني أهورو كينياتا ولكنها ما تزال تصر في القبض على الرئيس السوداني المشير عمر حسن أحمد البشير الذي ما يزال تطارده تلك المحكمة الأوروبية التي لم تحاكم أي رئيس دولة في العالم إلا الروساء الأفارقة .

فقد رفضت الحكومة البوروندية قرارا أصدرته الأمم المتحدة يقضي بنشر حوالي 228 فرداً من قوات الشرطة الأممية على أراضيها في إطار الجهود الرامية لإنهاء العنف السياسي هناك الذي يتواصل منذ أكثر من عام.

وكان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قد اتفقت على إرسال 288 من أفراد الشرطة إلى بوروندي عقب مقتل أكثر من 400شخص في شهر أبريل من العام الماضي ،وقال المتحدث باسم الحكومة البوروندية بأن الخطوة تنتهك السيادة الوطنية لبوروندي وبإنها لن تقبل بأكثر من 50 عنصرا غير مسلح (أنظر غير مسلح).

ومايزال القتال يدور في دولة بوروندي الصغيرة حتى اليوم فماذا فعلت منظمة دول الإيغاد وأصدقاؤها وتجمع دول شرق إفريقيا؟ وماذا فعل الإتحاد الأفريقي ومجلس الأمن والسلم الأفريقي الأكذوبة؟ وماذا فعلت الأمم المتحدة و مجلس أمنها الغربي؟ و ماذا فعلت أمريكا والغرب عموماً؟ و الإجابة أنهم لم يفعلوا شئ.

وقبل أيام طلبت الأمم المتحدة من الحكومة الإثيوبية السماح بدخول مراقبين دوليين من المفوضية العليا لحقوق الإنسان إلى منطقتي أورومو وأمهرة اللتين شهدتا في نهاية الأسبوع الماضي، مواجهات عنيفة بين قوات الأمن ومتظاهرين والتي أدت لمقتل أكثر من 140شخص من إثنية الأورومو في يوم واحد فقط.

وقال الناطق باسم الحكومة الإثيوبية بأن لا حاجة لمراقبين دوليين لأن لمنظمة الأمم المتحدة وجود ضخم في إثيوبيا ، وأضاف بأن الحكومة هي المسؤولة الوحيدة عن أمن وسلامة مواطنيها.

يقول مالكوم أكس " لقد تعلمت باكراً أن الحق لا يعطى لمن يسكت عنه، وأن على المرء أن يحدث بعض الضجيج حتى يحصل على ما يريد"

فانظر إلي هذه الازدواجية، فالحكومة الإثيوبية التي نصبتها الدول الغربية شرطيا لجمهورية جنوب السودان تقول بأن لا حاجة للمراقبين الدوليين لأن للأمم المتحدة وجود ضخم مقارناً بحوالي 13000 جندي أممي بدولة جنوب السودان.

و بكل "وقاحه" يقول المتحدث باسم النظام الأثيوبي بأن الحكومة هي المسؤولية الوحيدة عن أمن وسلامة الأورومو التي تقتلهم منذ سنوات، بينما يتشاركون المسؤولية مع حكومة جمهورية جنوب السودان في الحفاظ على أمن وسلامة موطني البلاد.

والسؤول الذي يطرح نفسه؛ ماذا ستفعل منظمة الإيغاد حول قتل الأجهزة الأمنية الإثيوبية لشعب أورومو الأعزل؟ وماذا سيفعل الاتحاد الأفريقي حول الأزمة السياسية في إثيوبيا؟ وماذا ستفعل الأمم المتحدة وأمريكا والدول الغربية حول رفض الحكومة الإثيوبية السماح للعدد قليل من مراقبي حقوق الأنسان للدخول إليها حتى تحقق حول أوضاع الأورومو؟ والإجابة هي أنهم لن يفعلوا شيئاً، إنها ازدواجية المعايير لدى المجتمع الدولي الأكذوبة.

كلام أخير..
يقول المدافع عن الحقوق المدنية والداعية الإسلامي الحاج مالك الشباز مالكوم أكس " لقد تعلمت باكراً أن الحق لا يعطى لمن يسكت عنه، وأن على المرء أن يحدث بعض الضجيج حتى يحصل على ما يريد".

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.