شعار قسم مدونات

عربي أنا.. تكبلني عروبتي وحلم الهجرة يراودني

Stranded Moroccan migrants react in front of a Greek police cordon at a border crossing into Macedonia near to the Greek village of Idomeni December 4, 2015. REUTERS/Yannis Behrakis

مغربي أنا.. ابن المغرب الكبير.

علمونا في درس الجغرافيا منذ نعومة أظافرنا مدى أهمية الموقع الإستراتيجي للمغرب، وانعكاساته على التنمية الاقتصادية والسياحية للبلاد وعلى الانفتاح الحضاري.
 

أخبرونا عن تاريخ البلاد حتى صرنا وطنيين بامتياز. أدركنا في نفس درس الجغرافيا أن البحر الأبيض المتوسط يحد البلاد شمالا، بينما يحدها المحيط الأطلسي غربا، وأنه لا يفصلنا عن أوروبا سوى مضيق جبل طارق بحوالي 14 كيلومترا، فسجل الرقم في ذاكراتنا حتى صار حلما.

 

مغربي أنا حلمي أن أعانق البحر في رحلة طويلة نحو الضفة الأخرى، رحلة بعيدة عن الأرض وعن معاناة انتشلتني من طفولتي، لتأخذني إلى دوامة بدايتها حلم ونهايتها مأساة، رحلة سأعانق من خلالها حلما رافقني منذ طفولتي ليهاجر إلى الضفة الأخرى عند أول فرصة.
 

رغبتي في أن أقطع مسافة الـ14 كيلومترا تفوق كل رغباتي، حتى البيولوجية منها. لا أعلم إن كان هذا البحر سيرأف بحالي، أم أنه سيأخذني إلى حيث أخذ ابن جارتنا المطلقة، لكنني أوقن أن هناك جنة تنتظرني، وأن ابن جارتنا سعيد حيث هو، بعيدا عن وطن يرى فيه وفي أمه حملا يثقل كاهله.

 

هل من المنطقي أن نرى في صفحة الحوادث من جرائدنا يوميا مئات الأشخاص الذين جعلوا من الهجرة حلما يصبحون فريسة للبحر؟

وهل من المعقول أن يجعل شخص لازال في بداية عمره أهم أحلامه في شيء مجهول التابعات، مجهول الحيثيات، لو أنه وجد ما يضمن طموحاته ويحققها كما ينبغي لها أن تتحقق في أرض الوطن؟

هل من المنطقي أن نرى في صفحة الحوادث من جرائدنا يوميا مئات الأشخاص من الذين جعلوا من الهجرة حلما، يصبحون فريسة للبحر، ثم نستمر بعد كل هذا في حلم الهجرة، لو أن أحلامنا قد أشرقت شمسها ها هنا؟

هل يليق بشخص في كامل قواه العقلية أن يعلم أنه سينعت من قبل طائفة معينة بالإرهابي والرجعي وشتى أنواع القذف في بلاد الغربة لمجرد أنه عربي لا يحمل نفس جنسيتهم، ثم يجيب بكل ثقة إذا ما تم سؤاله عن حلمه: "حلم الهجرة يراودني"، هل يليق به هذا  لو وجد ما يبحث عنه دون أن يضطر للمخاطرة بحياته وبدموع أم لا حول لها ولا قوة ؟
 

عربي أنا قلبا وقالبا: دمي، روحي وملامحي تخبر أنني مغربي عربي. تكبلني عروبتي، وحلم الهجرة لا يزال يراودني. عربي أنا لا أفهم في القضايا السياسية ولا تعنيني الانتماءات الحزبية. كل ما يهمني سلم وسلام وحرية.
 

عربي أنا تبكيني الحروب، ودماء أطفال ومشاكل أزلية .عربي أنا توقظني أمي صباحا على أغان كلاسيكية، على صوت اسمهان وأغان فيروزية.عربي أنا أخشى من مستقبل لا يضاهي شهاداتي الجامعية. عربي أنا لا أحقد، لا أكره، عربي أحب الكل باسم الإنسانية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.