شعار قسم مدونات

تشبّث به وإن منعوك!

blogs - swing

تأخذنا الحياة في طرق لم نتمنى يوماً المسير بها، قد تبعدك عن الطريق الذي طالما حلمت به، تمشي به وعينك على الطريق الآخر، تلتفت إليه بين الحين والآخر لكنهم يسحبونك! يجبرونك على سلوك طريق لم ترغب به، يريدونك أن تجري معهم وأن تذهب إلى مكان لا ترى نفسك فيه، تائه قد تعبت من ذك الطريق.

جسمك الهزيل قد أتعبته صعوبات الحياة واليأس بأنك ابتعدت عن الدرب الذي سوف يوصلك إلى ما طمحت لأجله، أبق  عينك عليه، أرسل له الإشارات بأنك لم تضل الطريق بعد، أنت فقط تسير في طريق أجبرت عليه لكنك عائد، قد يدفعك بعضهم بقوة وقد يصفعك الآخر، إبقِ نظرك عليه، تعثرت، سقطت على وجهك، نعم كنت تحاول الرجوع ولكنهم يمنعونك.. حلمك.. تشبّث به ولو منعوك!

هاجرت عائلتي وبقيت وحيداً، حينها أعدت السنة بالتخصص الذي أحبه فحصدت المركز الأول على المدرسة. 

المعاناة شيء لا بدّ منه، من بداية نعومة أظافري حتى بعد أن بدأت هموم الدنيا تطبع علاماتها على وجهي، لطالما عوقبت على "تخريبي" للعبة التي إشتراها لي والدي، كنت أود حينها معرفة كيف تصنع تلك اللعبة! أجبرت على إعادة تركيبها وأن أراها تدور وتصدر الموسيقى وأن أنظر إليها بدون سبب، رآها والدي تخريباً مع أنني كنت أود معرفة كيف تدور، ربما كانت لدي موهبة البحث في كل شيء أمامي، لكنّني أجبرت على عدم "العبث" ثانية في ألعابي..

لم تكن تدري عائلتي أني عندما أدرس ما أحب سوف أتفوق، فقد أجبرت أيضا على اختيار تخصص الفرع العلمي في الثانويّة العامة، قلت لها : " ماما، أنا ما بحب العلمي" قالت لي: "إحنا بنعرف مصلحتك، لساتك صغير" ! درست الثانوية العامة الفرع العلمي، فكانت النتيجة أنّي رسبت في ثلاث مواد! كانت كفيلة بأن أطرد من المنزل حينها! هاجرت عائلتي وبقيت وحيداً،  حينها أعدت السنة بالتخصص الذي أحبه فحصدت المركز الأول على المدرسة، وحصلت على العلامة الكاملة في مادة الرياضيات " التي رسبت بها السنة الماضية" !

" انتبه لدراستك أحسنلك" و "هو انت اللي بدّك تغير المجتمع" أكثر الكلمات التي سمعتها عندما بدأت مشروعي الخاص وأنا على مقاعد الدراسة بأقل الإمكانيات الممكنة، ببعض الدنانير وفريق صغير، بالرغم مناإنتقادات الأغلبيّة.

وجدت مشكلة في مجتمعي فقررت أن أجد الحلول لها من خلال مشروعي، 3 سنوات من العمل الجاد والتعب والسهر والنجاحات تتوالى، أتذكر ذلك اليوم الذي أردت أن أقدّم طلب الترشيح لأكبر جائزة لريادة الأعمال على الإطلاق، قال أحدهم لي أن هذه الجائزة لأصحاب الأعمال الكبيرة والتي تقدر رأس مالها بالملايين، وقد حصل عليها سابقاً أشخاص يكبرونك سنّاً وخبرة، فلا تتعب نفسك بالتقديم لها.
 

أهدافنا ثابتة بما أننا نملك الأحلام، لكن الطريق ربما يختلف، تغيّر الخطة وتحاول تصحيح الأخطاء فقط من أجل الوصول إلى الهدف. 

نعم إنها الأيادي المحبطة مرة أخرى، لكن لم أكن أدري أن الأقدار من الممكن أن تتبلور لتكافئك على تعبك ومجهودك، فقد قررت الشركة المانحة أن تستحدث فئة جديدة من هذه الجائزة وهي فئة رائد أعمال العام فئة طلّاب الجامعات، قدمت للجائزة وكنت أول شخص يفوز بهذه الجائزة!

لطالما حلمنا بمستقبل زاهر وكنّا على يقين أننا سوف نصل إلى ما نطمح إليه ونحقق ذاتنا وأحلامنا، لكن هذا المشوار محفوف بالمخاطر، الصعوبات والمعيقات، قد تجبرنا ظروفنا على سلوك طريق معيّن وقد نقابل أناس يحاولون أن يمتصوا طاقتنا وأن يحاولوا إبعادنا عن أهدافنا، لكن كن على يقين، بأنك في يوم من الأيام سوف تصل، فقط آمن بنفسك وبقدرتك بأنك قادرعلى تغلب كل تلك الصعوبات بالسلاح الذي تحمله..

الحلم هو الوقود الذي ينير الظلام الدامس في حياتنا، مهما كان الليل طويلا سوف يأتي الصباح وكأن الليل كان فترة وجيزة من الزمن، اجتزناه لنرى نوراً.. هناك نورا في نهاية الطريق، أنت تراه من بعيد، تحس بوجوده، لأنك تملك الحلم والأمل الكافيان أن يحملاك إلى بر الأمان..

أهدافنا ثابتة بما أننا نملك الأحلام، لكن الطريق ربما يختلف، تغيّر الخطة وتحاول تصحيح الأخطاء فقط من أجل الوصول إلى الهدف، تتعكز على حلمك أن هبت عليك رياح الحياة العاتية، يساعدك على البقاء واقفا أمام كل هذه التحديات..

تشبث به بكل طاقتك، قاتل حتى النهاية من أجله وإن أصابتك جروح وأسهم اخترقت جسدك، وإن أنهكت وفقدت القدرة على الوقوف، فكّر بحلمك وتشبث به وإن منعوك!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.