شعار قسم مدونات

ماذا يريد الاحتلال منا بعد؟

A Palestinian woman argues with an Israeli solider during a protest calling for the reopening of a closed street in the West Bank city of Hebron August 24, 2016. REUTERS/Mussa Qawasma

كفلسطيني من غزة عاش معظم حياته تحت حصارٍ وحرب دائمة، وجب عليّ أن أسأل نفسي دائماً: ماذا يريد الاحتلال منا بعد؟ ألم يسلب أرضنا؟ هل بقيَ هناك شيءٌ ثمينٌ آخر نمتلكه يطمعُ فيه؟
 

نعم، ثورتنا.. مقاومتنا صمودنا المستمر.. عقولنا أحلامنا ، حلمٌ طفلٍ صغيرٍ بتحرير فلسطين يخيفهم أكثر من كل الأسلحة المحرمة دولياً.
 

درست في منهاج التاريخ للمرحلة الإعدادية كيف احتلت فلسطين وهُجِر أجدادنا وكيف صمتت الأمم المتحدة أمام كل هذا.
 

وما زال ذلك السؤال يتردد في خلدي كطاحونة هواء، لماذا لا يتركنا الاحتلال في حال سبيلنا نعيش كأيّ شعب آخر؟
 

لما ذا لا يمكننا النوم دون الخوف من أن يُطبِق السقف على أجسادنا ولا نخرج إلا محمولين في قماش أبيض؟
 

ناقش الكاتب الأسير وليد أبو دقة هذه النقطة في كتابه "صهر الوعي".

وبيّن كيف يحاول الاحتلال جاهداً صهر وعينا بالمعنى الحرفي، إذ يجعل منا أشخاصاً بلا تفكير ولا منطق ولا أحلام، يعيشون حاضرهم فقط، نسوا الماضي وما حدث لأرضهم، ولا يفكرون بأي خطة لاستعادة فلسطين!
 

اليوم لو سألت أيّ شاب عن حلمه سيحدثك عن الهجرة للخارج والزواج والعمل، ولو كان من غزة سيحدثك عن الكهرباء!

ربما برزت هذه الظاهرة حديثاً في الشارع الفلسطيني مؤخراً للأسف، فقديماً كان حلم الشاب الفلسطيني تحرير الأرض، والموت في سبيل ذلك بشرف، كان الوطن يحتلُ عقله، لا شيء سوى الوطن.
 

لكن اليوم لو سألت أيّ شاب عن حلمه، سيحدثك عن الهجرة للخارج والزواج والعمل ولو كان من غزة سيحدثك عن الكهرباء!
 

برأيي: كان التحول "الصهر الفكري" لفئة الشباب تقريباً بعد الانتفاضة الثانية حيث غيّر الاحتلال طريقة تعامله معنا.
 

وطبقَ قانون "العين بالعين" ، باختصار: كلما حدثت عملية فدائية أو شيئ مشابه، قام الاحتلال بالرد الفوري على هيئة اجتياحات لبعض المناطق واعتقال في صفوف المواطنين، فرسخَ هذه الفكرة في عقول الفلسطينيين، فأصبح البعض يخاف حين يسمع بنبأ عملية فدائية أو مقتل مستوطن لأنه يعلم ماذا سيحدث بعدها من قمعٍ واعتقالً بل وربما بعضهم شتمَ منفذين العملية ودعا عليهم.
 

ونجح الاحتلال جزئياً للأسف خاصةً بعد حصار غزة والتضييق المستمر على الضفة الغربية والقدس
 

عدونا جبان نعم ولكنهُ للأسف ذكي! يستخدم عقيدة الصدمة لكي يصقل أفكار الجيل الجديد كما يريد، ينزع فكرة الوطن من أدمغة الشباب تدريجياً. بالضبط كما قال أحدهم يوم احتلال فلسطين "بكرة الكبار بتموت، والصغار بتنسى".
 

وبرأيي هذه الحرب الفكرية التي يمارسها الاحتلال ضدنا لا سبيل لمقاومتها إلا بثورة فكرية مضادة شاملة، تشمل التعليم في المدارس والبيت والمسجد والإعلام.
 

 عَرِّفوا الأطفال بأرضهم وعدوهم وماذا يعدُ لهم، يجب إعادة غرس مبادئ ومفاهيم الوطنية للجيل من جديد، يجب تذكيرهم بوطنهم فلسطين، فلسطين 1948 وليس1967.

تجب إعادة صياغة المناهج التعليمية لتناسب هذه التحديات الحالية، صناعة جيل التحرير ليست سهلة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.