شعار قسم مدونات

لماذا يُستهدف الإصلاح في اليمن؟

blog-حزب الإصلاح

لا تمضي أيام أو أسابيع إلا ونسمع خبرا لاغتيال قيادي إصلاحي في شمال اليمن المُحتل عسكريا من مليشيات الحوثي، أو في جنوبه المحرّر والمحكوم بالشرعية والتحالف أيضاً!

لو عدنا للوراء قليلاً، إبّان الاجتياح الحوثي للمحافظات الشمالية، فإن أول أعمال تلك المليشيات على الدوام هو الاتجاه إلى مقرات حزب التجمع اليمني للإصلاح وإتلاف محتوياتها ومن ثَمّ تفجيرها، ناهيك عن تفجيرالمساجد ودُور القرآن، واغتيال آلاف القيادات والشباب الإصلاحي في تلك المحافظات.

التجمع هو أكبر حاضنة مجتمعية  للشعب اليمني، والذي وحّدهم زيدية وشافعية وعلماء وعامة وإسلاميين ومتدينين وعلمانيين حول مشروع وطني مدني

في جنوب اليمن المحرّر حالياً، يتم استهداف قيادات الإصلاح الذين انخرطوا في المقاومة، واستهداف قيادات السلفيين أيضاً بطريقة ممنهجة وشبه يومية، فيما تنشط عصابات حراكية وأخرى قاعدية خارج إطارالشرعية، وبضوء أخضرإعلامي وسياسي إماراتي واضح.

إن التجمع اليمني للإصلاح هو أكبر حاضنة مجتمعية تربوية فكرية سياسية للشعب اليمني، والذي وحّدهم زيدية وشافعية وعلماء وعامة وإسلاميين ومتدينين وعلمانيين حول مشروع وطني مدني.

هذا من الناحية السياسية والاجتماعية، وبالتالي فإن استهدافه يعني استهداف مشروع التعددية السياسية واستقرارالعمل السياسي بِرُمّته، كونه القوة السياسية التي لا تزال متماسكة -بفضل الله- بعد سقوط الدولة وكامل مؤسساتها، واستهدافه من هذه الناحية يعني السماح لمشاريع الفوضى الاجتماعية والتشطير والعصابات الهلامية التي لا تملك أي مشروع جامع بالنمو والتوسع، مثل مليشيات الحوثي والقاعدة وأطياف من الحراك الجنوبي الموالي لإيران، كما هو مُشاهد.

ثم إن استهداف التجمع اليمني للإصلاح صاحب الثقل السنّي الأكبر في اليمن، وصاحب الباع الأكبر في نشر الفكرالوسطي من أيام الشهيد الزبيري، وعبده محمد المخلافي،  والزنداني، والمعاهد العلمية، هو جزء من مخطط كبير تستخدمه أميركا ودول الغرب وإيران لتفتيت الدول الإسلامية بالهجوم على رأس الحربة والقوة المجتمعية الكبرى المناهضة لبذور ولاية الفقيه والإرهاب، وإزاحة النفوذ السياسي للسنّة، والاستقواء بالأقليات الشيعية على الأكثرية من الأمة المسلمة، ونقل الحكم إليها، للتقسيم المذهبي وللمزيد من الشحن الطائفي، ليضرب بعضنا بعضا، وتختفي الهوية الوطنية الجامعة، وتحل محلها الهوية المذهبية، وتأمن إسرائيل عن بُعد فوق المذهبيات المتصارعة في الوطن العربي الإسلامي.

وهذا يُفسّر كما قدّمنا مدى حرص إيران والحوثيين على استهداف الإصلاح، الدرع السنّي رقم واحد باليمن، ليسهل بعد ذلك بذور ولاية الفقيه والولاء لمشروع إيران الفارسي في حواضن المذهب الزيدي والهادوي باليمن، وهو ما يجري حالياً في التربية والتعليم ومساجد اليمن بعد الإختراق السلالي الخطير والإستقواء بالسلاح، ووضع مناهج تمجّد وتنشر أفكار ولاية الفقيه عامة، والسلالية الحوثي خاصة، في المحافظات الشمالية المحتلة.

والظاهرة الأغرب في الحالة اليمنية هي في جنوب اليمن المحرّر، والمحكوم رسمياً من الشرعية، ومن التحالف، وبالأخص من دولة الإمارات أمنياً وعسكرياً وإدارياً، حيث تنشط عصابات الاغتيال بصورة مستمرة، ليس فقط لاستهداف قيادات الإصلاح، بل لقادة السلفيين وعلمائهم، وكل من له علاقة بالمقاومة الصادقة المستقلة، وضباط موالين للشرعية، وكل من يعارض مشروع الانفصال.

في المقابل نرى عصابات هلامية تنتشر انتشار النارفي الهشيم، وأخرى يتم تسليحها بعتاد إماراتي متطور، دون علم الشرعية، أو حتى مراجعتها في ذلك، تمهيداً لمشاريع تشطيرية خطيرة، وتفريخ اللادولة في جنوب اليمن، لإشغال الشرعية وجحافل التحريرعن المُضي قُدُماً نحو تحرير صنعاء.

إن الخطأ الإستراتيجي الأكبر في حكومة هادي ودول الجوار إبّان الثورات المضادة على الربيع العربي، هو غض الطرف عن توسع مليشيات الحوثي من دماج إلى عمران إلى صنعاء، والدعم أحياناً، بهدف ضرب التجمع اليمني للإصلاح، والتخلص من قواه المجتمعية والقبلية والموالين له عسكرياً، للحساسية المُغرضة التي كان يُرمى بها الإخوان المسلمين من الأنظمة العربية.

يجب أن يفقه إخواننا الخليجيون بوضوح أن الإصلاح هو أكبر حليف استراتيجي في اليمن، كونه الدرع الحامي لهم بعد الله من انتشار المد الفارسي

ولكن ما لبث أن انسحب الإصلاح من المواجهة، وأربك الخطط والأوراق التي تُريده هو، وانقلب السحرعلى الساحر، وتم دفع الضريبة من عاصفة الحزم، وإعادة الأمور إلى نصابها، من أن العدو الحقيقي هي إيران ووكلائها في المنطقة العربية، لا الحركات الإسلامية، البعبع الوهمي المُصطنع!

إن إضعاف القوى السنية المعتدلة عموماً، والإصلاح خصوصاً، هو إضعاف للعمود الفقري المقاوم لإيران والمقاوم للإرهاب، والمقاوم لكافة مشاريع التشطير، والفوضى واللادولة من عصابات الظلام الهلامية، كما هو إضعاف للدولة اليمنية، ولدول الخليج جميعها على المستوى البعيد.

ويكفينا درس العراق الطازج، حين تم التخلي عن المقاومة العراقية السنية، حتى تم تصفيتها تدريجياً من القاعدة وعصابات المالكي، حتى أفرز الواقع فيما بعد مليشيات الحشد وداعش طرفي النقيض، وانتهت الدولة العراقية العربية إلى غير رجعة، وباتت حديقة لإيران تسرح وتمرح فيها كيف تشاء بداعش والحشد على السواء!

يجب أن يفقه إخواننا الخليجيون بوضوح أن الإصلاح هو أكبر حليف إستراتيجي في اليمن، كونه الدرع الحامي لهم بعد الله من انتشار المد الفارسي وانكشاف حدودهم لوكلاء إيران وداعش، وما لم تتغير النظرة للإصلاح، ويُعاد ترتيب الحسابات، والفوبيا التي لا داعي لها، ويُترك اللعب بالتوزانات القديمة وضرب هذا بهذا لاستنزاف الجميع، فإننا أمام تكرار الأخطاء وعَودٌ على بدء، وتجريب المجرّب، ومن عاصفة إلى ناسفة، ويا ليتك يا عاصفة ما قمتي!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.