شعار قسم مدونات

مدونات الجزيرة وحصار الأفكار

blogs - aja
حينما أطلقت قناة الجزيرة مساحة المدونات والرأي الحر لاشك أنها إضافة رائعة تزيد من قيمة القلم خاصة في وسطنا العربي الذي يعرف جماداً وخمولاً إلى حد ما، حينها بدر لي أن أغتنم الفرصة لأسجل وأدخل كي أبحر ولو في هاته الصائفة سائحا أو مقيما أو عابر سبيل أو صاحب بيت هناك أنشر.

لكن ما أثار غرابتي هي تلك الاقتراحات التي ما إن تدخل المدونة حتى تنبثق إليك تسرق لحظة فكرك وحرية عقلك لتجعلك نصب زاوية محددة تحددها المدونة تخبرك مثلا بــ : "ما رأيك في كذا وكذا" فتحدد بذلك مسار قلمك الذي لتوّه لم ينزع من غمده، أو تضغط على أضف تدوينة صغيرة فتحدد لك ما عليك أن تفكر به ثم لك الخيار في النقد أو المدح وما إلى ذلك، أعلم أن هذا الأمر جميل ربما، لكن ليس لشخص يريد أن يبوح ما في عقله دون أن يعكر مزاج تفكيره اقتراح، أو بالأحرى تحديد لوجهة سواء فكرة عامة أو مادة إعلامية أو توجه سياسي وما إلى ذلك. بمجرد أن نجد اقتراح مثل "انقلاب تركيا.. ماذا ينقص العرب؟" هنا يلزم أن تقارن تركيا دولة بجميع العرب دولا ثم تعترف بانقلاب تركيا قصرا وتؤمن بأن العرب لهم نقص في حالة مثل هذه.
 

لابد من التحرر في الكتابة بشكله الكامل، وعدم إضافة حتى الاقتراحات المحددة للتوجه والتي تجعلنا نلغي ربما حتى حريتنا في التدوين

القارئ هنا ربما يلوح بخاطره أنني عدو لأردوغان، أو لا أعترف بنقص العرب.. كلا أنا فقط أريد أن أصل بكم إلى عملية التحديد والتوجيه في التدوينات أو بالأحرى الحصار في القلم. أنا لا أريد هنا أن أرفض رأي الجزيرة أو رأيك أنت أو أي شيء تحديدا، ولكن فقط أريد أن ألوح بعملية تحديد الأمر وتعبيرك عنه لا غير، وهو أمر خطير مهما كان صحيحا في حروفه. أن تقف أمام مساحة مثل هذه وتكون موجها لنفسك تسفك الكلمات لتخرج منها حروفا ومعان بكل حرية، تكون فيها أنت والقلم، تعلنان الحرب على مساحة بيضاء أمر أكبر وأفضل بكثير وحرٌ بكل معنى الكلمة من أن تدخل تدوينة تجد لك في كل اتجاه في هوامشها اقتراحا.

مثلا هذه المقالة وضعت في خانة القضية: أخرى، وفي خانة الموضوع: عربي، لأنني لم أجد مكانا صالحا أو قريبا غيرها. 

في الأخير أريد أن أعلن أنني لست أعاتب التدوين أو أتهم الجزيرة ولا أبخس الأشياء ولا أرفض مدونات الجزيرة، أنا الآن عليها أخط حرٌ وفيٌ لها، ولكن أحيانا هناك أمر كان يجب أن يُهتم به و يعتنى به وهو التحرر في الكتابة بشكله الكامل وعدم إضافة حتى الاقتراحات المحددة للتوجه والتي تجعلنا نلغي ربما حتى حريتنا في التدوين، فحينما ندخل لنصنع بيتا من كلمات نخمن فيه وحدنا، نجد لزاما علينا أن نفكر بموضوع يفكر فيه صاحب المنزل لا يعتد هذا كراء منزل كامل ولكنه كراء بشروط.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.