شعار قسم مدونات

لمثل هذا اليوم.. فليعمل العاملون

blog-جنازة

هل جربت الشعور الذي يصاحبك عندما تقرأ أو تسمع آيةً من كتاب الله وكأنها أنزلت عليك؟ وكأن الله يخاطبك أنت بالتحديد، أنت لا غيرك؟؟.

منذ وقت مضى لم أعرف هذه المشاعر مثلما أحسها اليوم عندما سمعت خبر وفاة أحد الأحبة وسمعت قول الله تعالى (وَجاءَت سَكرَةُ المَوتِ بِالحَقِّ ۖ ذٰلِكَ ما كُنتَ مِنهُ تَحيدُ 19) سورة ق، ففي بلادنا يكاد يكون الحديث عن الموت يومياً.. ففي كل حيٍ أو منزلٍ يكاد خبر الموت يطغى على غيره من الأخبار.

ولأني لم أشأ أن أتكلم في أسباب الموت أو حيثياته وإنما استوقفتني هذه الآية الكريمة التي تكاد تنزل على أحدنا كالصاعقة إذا ما مست القلب قبل أن تمس المسامع وتفكرت في قوله تعالى لما بعد الموت..

اليوم أغلقت السجلات ووضعت الأقلام وجفت الصحف وجاء يوم الحساب الذي غاب عن بالك أياماً بل شهوراً بل سنينا

ففي هذه اللحظات جاء اليوم الذي لم يكن في الحسبان، جاء اليوم الذي لم نتهيأ له بعد، جاء اليوم الذي ستعرف به المعنى الذي قصده رسول الله (عليه الصلاة والسلام): ( أكثرو من ذكر هادم اللذات)، وستعرف به ويعرف من حولك الشعورالذي يشتعل في صدرك والذي أشار اليه (عليه الصلاة والسلام): (أحبب من شئت فإنك مفارقه).

مشاريعك أهدافك طموحاتك أهلك أبناءك إخوانك أحبابك كلهم ستتركهم وتمضي وحيداً إلى دارٍ لاتشبه هذه الدنيا في شيء، كل ما خططت له وأردت تحقيقه ستتركه، ماذا حدث؟ جاء وقت الفراق، هنا انتهى الطريق توقف! توقف! انتهى رصيد عمرك ولا مجال للتجديد، لا مجال لأن تقول: ربي زدني لحظةً واحدة، ربي ارجعون، ربي ارجعون لم أتب بعد ربي ارجعون لم أصلي بعد ربي ارجعون بذمتي حقوق لم أئدها بعد، (حَتّىٰ إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ المَوتُ قالَ رَبِّ ارجِعونِ99 لَعَلّى أَعمَلُ صٰلِحًا فيما تَرَكتُ ۚ كَلّا ۚ إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها ۖ وَمِن وَرائِهِم بَرزَخٌ إِلىٰ يَومِ يُبعَثونَ 100 )سورة المؤمنون.

اليوم أغلقت السجلات ووضعت الأقلام وجفت الصحف وجاء يوم الحساب، يوم الحساب الذي كنت عنه تحيد، يوم الحساب الذي غاب عن بالك أياماً بل شهوراً بل سنينا.

اليوم ستنتقل الى دارٍ أخرى،  كنت في دار عمل أما اليوم فأنت في دار جزاء، اليوم تستلم كتابك وأنت تترقب في خوف ورهبة مايكون حالك، إلى جناتٍ وعيون أم الى جهنم وساءت مصيراً.

لمثل هذا اليوم فليعمل العاملون.. حتى لا يدركك الوقت، حتى لا تمضي إلى تلك الدار ولم تهيئ الزاد لها.. لمثل ذلك اليوم .. اعمل.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.