شعار قسم مدونات

الكتابة اليدوية والإلكترونية

blog كتابة الكترونية
قلمي.. من أحب مقتنياتي إلي وأقربها مني، وأظنها أيضا أصدقها معي، يرافقني أينما رحلت ويحل حيثما حللت، ويسكن في ملحق خارجي لثوبي ملاصق لقلبي، في جيبي. أنظر إليه كأنه يقيس نبضات قلبي يضطرب لاضطرابها ويسكن حينما تسكن.

أبوح له بأسراري فيحفظها في أوراقه وأبث له همومي فيشاطرني حملها وأوقظه في غسق الليل فيستيقظ ملبيا ًسهري وطارداً أرقي. 
 

إنه ليس مجرد قلم، إنه صديق ألجؤ إليه وقت الضيق.

وقد كان شعراء العامية في الجزيرة العربية قديما يستهلون قصائدهم بالعبارة الشهيرة : سر ياقلم تأكيداً على أهميته في خط الإبداع فأنني دائماً استعيرها نثراً حينما أشرع في الكتابة/التدوين .

ولكن مع التغير في أدوات الكتابة والنشر استبدلت القلم بلوحة مفاتيح الحروف (الكيبورد)، والدفتر بالجهاز اللوحي، وأخذت فترة وأنا أتدرب على الكتابة الإلكترونية، وبعدما كنت أكتب تحت شعار "سر يا قلم"، غدوت أكتب في الفضاء الإلكتروني رافعاً شعارا آخر يتواءم مع المرحلة الجديدة مرحلة تويتر وهو "غرد يا طير".
 

بعدما كنت أكتب تحت شعار "سر يا قلم"، غدوت أكتب في الفضاء الإلكتروني رافعاً شعارا آخر يتواءم مع المرحلة الجديدة مرحلة تويتر وهو "غرد يا طير"

وهي مقولة دارجة تعني ان الطير الذي كان مسجوناً في قفص الواقع الاعلامي السابق فك قيده وأطلق سراحه مطلقا للريح جناحيه وصادحاً بزغرودة الحرية فرحاً وسروراً بهذا العهد الاعلامي الجديد الذي سيؤثر على واقع الحال وسيعيد ترتيب الأشياء حسب طبيعتها ويرسم لوحة زاهية على بقايا اللوحة القديمة الباهتة.

 

النشر أصبح سهلا بفضل التقنية الرقمية والوصول للقارئ صار مباشراً وقد لا يحتاج آلى دار نشر او صحيفة فالوسائل ومنصات النشر الشخصية متوفرة وشبكات الانتشار جاهزة فالنجاح يعتمد على جودة الانتاج ومدى جاذبيته للقارئ.
 

لذلك فهذه الوسائل الحديثة وضعت الكاتب في مواجهة حية مع القارئ وأوجدت بينهما علاقة تفاعلية تسابق الانفاس وفي تويتر مثلاً يعتبر الهاشتاق عنوان رئيس مُلفت للقراءة بالضبط مثل المانشيت العريض على صدر الصفحة الاولى من الجريدة الورقية وقد حقق هذا الأسلوب في نشر المحتوى على مستوى واسع جدا .

ورغم تعدد وسائل النشر والتدوين الا ان عصفور تويتر يعتبر علامة فارقة في الفضاء الرقمي ويكاد ان يرسم من خلال تحليقه خريطة في السماء لكل لغة ودين ويعتقد انه سيطبقها يوما ما المغردين على الارض وستتوحد الخريطة التي بدأت ملامحها تظهر وتبرز ويقابلها خفوت وانطفأ للصحافة الأقليمية التي كانت تمثل بلداً معين فنحن اليوم امام مشروع بناء صحافة واحدة من المحيط الى الخليج بل أوسع من ذلك.
 

وما انقلاب تركيا الفاشل وما رافقه من تفاعلات إلا مثال حي على توحد صحافة الشعوب في قالب واحد ولم يسمح لهذا التغيير لولا أنه قدم من السماء!
 

ورغم أنني أكتب هذه الكلمات بالكيبورد فإن القلم حاضر بروحه ورمزيته.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.