شعار قسم مدونات

الجزائر عودة إلى الوراء

blogs-الجزائر

كانت خزينة بنك الجزائر شبه خاوية مع مجيء الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في نهاية القرن الماضي، ولكن أسعار البترول عرفت ارتفاعاً كبيراً مع بداية الألفية الجديدة، وهو ما مكّن الجزائر من تسديد كل ديونها بل وتكوين احتياطي قارب المئتي مليار دولار.

 

بالموازاة مع ذلك استطاع الرئيس بوتفليقة بسياستي الوئام والمصالحة التي استفتي فيهما الشعب أن يُعيد الأمن والأمان للجزائريين، لكن الرجل الذي نجح في سياساته الأمنية مع تسليم عدد كبير من المسلحين أنفسهم للسلطات، فشل فشلاً مطلقاً في إصلاحاته الاقتصادية، بل إن الفوائض المالية التي تأتت حصراً من ارتفاع كبير في سعر برميل البترول، ادت إلى فضائح مالية كبيرة وفساداً مس كثيراً من القطاعات الحيوية.

 

رغم كل مُقومات النهضة الاقتصادية والثروات الباطنية والسطحية التي تملكها الجزائر فإنها تعاني مشاكل كبيرة في الخروج من التبعية المطلقة لأسعار البترول .

اليوم تعود الجزائر إلى نقطة البداية مع مجيئ بوتفليقة، فالبلد الذي خرج من دوامة العنف والإرهاب، أصبح يرزح تحت أزمة اقتصادية كبيرة، أدت إلى تخفيض سعر الدينار بشكل كبير، وارتفاع لأسعار مختلف المنتوجات، وإلغاء للكثير من مشاريع البنية التحية.
 

لا زالت الجزائر رغم كل مُقومات النهضة الاقتصادية، ورغم كل الثروات الباطنية والسطحية التي تملكها، تعاني مشاكلاً كبيرة في الخروج من التبعية المطلقة لأسعار البترول.
 

عهدة الرئيس الذي يعاني من أزمة صحية كبيرة منعته من مخاطبة الشعب بشكل مباشر ستنتهي بعد ثلاث سنوات، وإذا استطاع الرئيس إنهاء مدته الرئاسية كاملةً، فإنه سيكون قد غادر الجزائر كما جاء إليها، بل إنه سيترك الجزائر في ظل أزمات جديدة مست كيان المجتمع.
 

الجزائر اليوم تواجه إرهاباً جديداً اسمه اختطاف الاطفال والجريمة المنظمة، وانتشاراً كبيراً للمخدرات، فالأرقام التي تصدرها مصالح الأمن بشكل شبه يومي حول القبض على عصابات التهريب، توضح أن الشباب الجزائري أصبح مستهدفاً بكميات ضخمة من مختلف أنواع المخدرات.
 

الجزائر في العهدة الرابعة للرئيس بوتفليقة تعاني مؤسساتها من أزمة شرعية ويعاني مواطنوها من أزمة ثقة بينهم وبين السلطات

سياسيا يكون الرجل قد فشل أيضا في التعامل مع المعارضة التي خلق لها مشاكلا داخلية ادت إلى ظهور بدعة "التصحيحيات" داخل التشكيلات السياسية التي تثير متاعباً للسلطة.
 

أما معاناة الحزب الحاكم الذي أصبح يرأسه منذ المؤتمر العاشر لحزب جبهة التحرير الوطني مع شرعية أمينه العام "عمار سعيداني" المثير للجدل، فقد وصلت للحد الذي أدى بمجاهدين كبار، إلى توجيه رسالة للرأي العام تطالب بإنقاذ الحزب من رجال المال الفاسد الذين استولوا على قراراته.
 

الجزائر في العهدة الرابعة للرئيس بوتفليقة، هي ذاتها الجزائر التي يعاني اقتصادها من التبعية لأسعار المحروقات، وتعاني مؤسساتها من أزمة شرعية ويعاني مواطنوها من ازمة ثقة بينهم وبين السلطات.
 

الجزائر اليوم هي أزمة جديدة مست المنظومة التربوية، وقانون الأسرة، والمنظومة الصحية، هي حديث عن كيان المجتمع وعن فشل كبير مس كل مناحي الحياة… بلد الشهداء يعود اليوم بكل أسف من الوراء إلى الوراء.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.