شعار قسم مدونات

القوائم الانتخابية والانسجام مع مفهوم الديمقراطية

Election officials count votes in the municipal elections in the West Bank city of Hebron, 20 October 2012. The last time local elections were held in the West Bank and Gaza Strip was in December 2005 and the last presidential and legislative elections were held early in 2006.

على أعتاب الانتخابات المحليّة في
فلسطين بدَت ظواهر انتخابيّة في شتّى المناطق، مما يدعو إلى التساؤل عن مدى انسجامها مع مفهوم الديمقراطيّة ويجعلها محطّ السؤال في هذه التدوينة. ويمكن لنا طرح بعض هذه الظواهر وفق الآتي:

 

أولاً: ترشيح قوائم انتخابيّة دون ذكر أسماء المرشحات في هذه القوائم.

وقد اكتفت هذه القوائم بالتأشير على وجود المرأة، التي يلزم بها القانون عبر الكوتا الانتخابية استناداً للمادة 17 من قانون انتخاب المجالس المحليّة رقم 10 لسنة 2005، واكتفوا بالتأشير على ذلك بـ"زوجة السيد.." أو بـ"أخت". والأكثر غرابةً بهذا الصدد أنّ هذه القوائم ليست محسوبةً على التيّار الإسلاميّ إنما على التيار العلماني أو اليساريّ.
 

لا أدري هل سَيُدَوّن في محاضر الانتخاب أو لاحقاً في جلسات المجلس المحلي "بحضور زوجة السيد"!، إن هذا يشير إلى غياب قيمة المرأة والخجل من ذكر اسمها وهو إهدار لمفهوم الديمقراطيّة قبل البدء بها.
 

أغرب ما يميز هذه الانتخابات أنها شهدت تحالف الحزبين الكبيرين في قائمة واحدة في أكثر من مركز انتخابي، فتارةَ كان ذلك تحت مسمى المهنيّة وتارة أخرى تحت مسمّى العائليّ

لعلّ التاريخ الاسلاميّ يزخر بتجارب النساء وتدخلهن في الحياة العامة، ولا أعلم أن ذكر اسم المرأة كان يعتبر عيبا.. بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما سُئل عن أحبّ النّاس اليه: قال عائشة، ولم يقل: زوجتي.
 

ثانياً: تقدم العائلية والعشائريّة على الأحزاب.

لوحظ أن هناك 181 مركزا انتخابيا قد جرى حسمها بالتزكية، وهذه المراكز هي المراكز الانتخابية الصغيرة نوعاً ما. فقد حسمت التشكيلات الانتخابية فيها على أساس القوائم العائلية، وها ما يشير إلى أن دور الأحزاب في هذه المراكز قد غدا ضعيفاً جداً. ويفسر هذا الأمر إحجام الناس عن المشاركة السياسية عموماً عقب أحداث 2007.
 

يتذكر الناس تعديل القانون وتفويض وزير الحكم المحلي بحلّ المجالس المحليّة دون تحديد معيار واضح. وقد عايشوا إزاء ذلك عدّة تجارب لعل أبرزها حلّ بلديّة البيرة وهي من كبريات البلديّات في الضفة الغربيّة.
 

أما بقية المراكز التي ستجري بها الانتخابات فلوحظ أن العائليّة فيها طغت على الحزبيّة، وهذا مؤشر اجتماعيّ خطير يُخشى معه تقدّم العائليّة وترسيخ مفهوم العشائريّة وإحداث شرخ فيما بينها، ليتحول معها المهنيّ والسياسيّ إلى عشائريّ بحت.
 

ثالثاً: تحالف الحزبين الكبيرين ضمن قائمة واحدة.

لعل هذا أغرب ما يميز هذه الانتخابات، فقد شهدت تحالف الحزبين الكبيرين في قائمة واحدة في أكثر من مركز انتخابي، فتارةَ كان ذلك تحت مسمى المهنيّة وتارة أخرى تحت مسمّى العائليّة، إلا أن هذا إقرار من الفريقين بعجزهما عن تشكيل قائمة لكلّ منهما، وهو ما يندرج إمّا تحت إقرار الفريقين على تقدّم العائليّة والعشائريّة على الحزبيّة، أو يندرج تحت اعتراف مبطّن بالعجزٍ عن تشكيل قائمة انتخابيّة قادرة على المنافسة، أو ربّما عدم القدرة على تشكيل قائمة انتخابيّة وعدم وجود من يرأس هذه القائمة وفقدان الشعبيّة الجماهيريّة.
 

إن قدرة هذين الفريقين على تشكيل قوائم موحدة بينهما في العديد من المراكز يشير إلى أن حالة الانقسام التي يعيشها الشارع الفلسطيني والمؤسسات الفلسطينية كفيلة بالانتهاء لو توافرت الإرادة السياسية.
 

رابعاً: إقرار الأحزاب الفلسطينية بحالة الاقتسام السياسي.

وحالة الاقتسام هي البديل عن حالة الانقسام، فقبول السلطة الفلسطينية بإجراء الانتخابات في مركز غزة تحت إشراف الحكومة هناك وباختصاص المحاكم -المتنازع على شرعيتها- للطعن بهذه الانتخابات، هو قبول صريح بالوضع القائم بغزة ويعني بتحول حالة الانقسام السياسي إلى حالة اقتسام سياسي لا مجال للفكاك منه.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.