شعار قسم مدونات

مدينة السلوم.. هلال مصر الساحلي

blogs - salloum
مدنُ مهجرة، وأخرى غفلت عنها الأنظار أو تغافلت بإرادات حكومات ارتأت أن تنميتها ليست من أولوياتها السياسية.
هلال يحتضن البحر الأبيض المتوسط، مدينة السلوم، تلك المدينة الواقعة في النطاق الإداري لمحافظة مطروح، كنز من الكنوز العمرانية المهملة، طبيعة بدوية ومباني ذات مساحات كبيرة، وموقع مميز على شاطئ الساحل الشمالي، وظهير صحراوي يبلغ 9000 فدان، ومدخل اقتصادي كبير للدولة المصرية المتمثل في وقع المدينة على الحدود المصرية الليبية.

لكن أصابها ما أصاب صويحباتها من المدن المصرية، إهمال أدى إلى تدهور في الحالات البنائية للعمران الموجود بها، وسيطرت القوات المسلحة على معظم المناطق ذات الأهمية الاقتصادية العالية بالمدينة، وقف عقبة كبيرة أمام عمليات التنمية والتطوير بها.

تبلغ نسبة السكان تحت خط الفقر 25.2 بالمائة من جملة سكان المدينة، و27.8 بالمائة من جملة سكان ريف المركز، ويقدر حجم قوة العمل بمدينة السلوم بنحو 2681 نسمة تمثل 48.97 بالمائة من إجمالي السكان في سن 15 سنة فأكثر، يقدر حجم البطالة بمدينة السلوم بنسبة 3.2 بالمائة إلى قوة العمل وفقا لبيانات مركز معلومات مجلس مدينة السلوم عام 2006.

الأهمية التاريخية لمدينة السلوم:
كانت مدينة السلوم شاهدة على العديد من الحروب العالمية والحرب العالمية الثانية، وذكر اسمها في العديد من كتب التاريخ، فذكر أن القوات الإيطالية والبريطانية في 1915 حاصرت مدينة السلوم أثناء مطاردتهم للسنوسيين والقوات العثمانية بعد تحصنهم بالمدينة أثناء الحرب الإيطالية العثمانية، وقد لجأت القوات السنونسية للإحتماء بأحد مخرات السيول المجودة بالمدينة وسقطوا من أعلى حوافها جثثا هامدة.

ومن ضمن فعاليات الحرب العالمية الثانية قامت القوات الإيطالية باحتلالها لمدينة السلوم، وأقامت بها وبمدينة سيدي براني المجاورة لها حصونها، وأقيمت بها مقابر ضحايا دول الكومنولث.

إن ذلك التاريخ العريق للمدينة لم يتم الاهتمام به من قبل أحد ولن يجده إلا من يبحث عنه مهتما في الآثار التاريخية للمدن.

إذا وجدت مدينة كالسلوم في إحدى الدول المتقدمة لأقامت عليها نهضتها الاقتصادية، فهي تحمل في نطاقها الجغرافي العديد ما يجعلها عنصراً رئيسياً من عناصر الدخل القومي المصري

الملامح الاقتصادية للمدينة:
إن مدينة كمدينة السلوم إذا وجدت في إحدى الدول المتقدمة لأقامت عليها نهضتها الاقتصادية، فهي تحمل في نطاقها الجغرافي العديد من المقومات الهائلة التي تجعلها عنصر رئيسيا من عناصر الدخل القومي المصري.

خليج السلوم: المحمية الطبيعية رقم 28 في مصر، وهي منطقة واقعة في المياه الإقليمية المصرية شمال مدينة السلوم، تمتد بعمق 500 متر في النطاق الساحلي.

الساحل الشمالي: اقتصر تنمية الساحل الشمالي فقط على بعض المناطق بمحافظة مطروح وقد أثبت أنه تجربة اقتصادية عظيمة، لكن حدود الساحل الشمالي لا تنتهي فقط عند مارينا وما جاورها من القري السياحية، بل تمتد من أقصي نقطة شرقية لساحل البحر الأبيض المتوسط وينتهي عند أقصى نقطة غربية للساحل عند السلوم، إن مدينة السلوم التي تأخذ شكل الهلال تحتضن في نطاقها الجغرافي جزء كبير من شاطئ البحر الأبيض المتوسط مما يجعل فرص التنمية والاستثمار في الساحل الشمالي كبيرة إذا مهدت لها الحكومة الطريق أمام المستثمرين.

هضبة السلوم: يبلغ ارتفاع هضبة السلوم نحو 250 متر، وإن كانت تلك الهضبة محددا يعوق النمو العمراني للمدينة غربا إلا أنها تحمل في طياتها بيئة خصبة لإقامة مشاريع استثمارية عديدة، فبمجرد وقوفك أعلاها تستطيع رؤية مدينة السلوم كاملة وهي تحضن شاطئ البحر الأبيض المتوسط.

ميناء السلوم البحري: في تاريخ النمو العمراني لمدينة السلوم عرف أن المدينة نشأت منذ البداية على هيئة ميناء بحري، ثم تناثرت حوله العديد من المباني السكنية، والآن توقف الميناء عن العمل حسب تصريحات رسمية من الدولة، إلا أنه لو أعيد افتتاح ذلك الميناء سيسهل على مصر الكثير من التبادل التجاري بينها وبين البلدان الواقعة على الشاطئ الآخر من البحر الأبيض المتوسط.

منفذ السلوم البري: من المقومات الهائلة التي تمتاز بها المدينة هي وقوعها في نهاية الحدود المصرية بين مصر والجماهيرية الليبية، ويعتبر منفذ السلوم البري أحد أهم المنافذ البرية المصرية بسبب التبادل التجاري القائم بين مصر وليبيا، ففي 2014 احتلت مصر المرتبة الرابعة بين دول العالم المصدرة إلى ليبيا بإجمالي صادرات بلغ نحو 1 مليار دولار أمريكي.

الملامح الاجتماعية للمدينة:
البيئة الاجتماعية للمدينة هي البيئة البدوية التي تحمل في جوانبها العديد من الملامح الإيجابية في المشاركة المجتمعية والأعراف العربية القبلية، والعديد من العائلات ذات أصول مشتركة ونسبية مع قبائل ليبية، وأن للبيئة البدوية أو العربية ثوابت عمرانية لا تتجزأ من شخصية الأفراد، فلا بد أن يكون المبنى على مساحة كبيرة ويغلب علية ارتفاع الدور الواحد، وأمامه فراغ واسع، والاعتماد على الطاقات المتجددة.

مديند السلوم تنادي الحكومة بفتح الباب للمستثمرين من القطاع العام والخاص، فلا تهملوا تاريخاً مكتوباً، واقتصاداً ضخماً، وعمراناً مدفوناً.

الملامح العمرانية للمدينة:
كما ذكرنا سابقا أن عوامل البيئة البدوية تسيطر على الطابع العمراني للمدينة بأحكامها وأعرافها البنائية، فتبلغ مساحة الكتلة العمرانية لمدينة السلوم نحو 554.98 فدان، وتبلغ بها مساحة الطرق والممرات والفراغات العمرانية 152.98 فدان، فيما تبلغ مساحات الأراضي الفضاء غير المستغلة نحو 145.29 فدان.

تغلب على المدينة المباني ذات الارتفاعات المنخفضة المكونة من دور واحد، وكلها مباني بالحوائط الحاملة، تبلغ مساحة المناطق السكنية بالمدينة 178.25 فدان بنسبة 32.13 بالمائة من إجمالي الكتلة العمرانية للمدينة، فيما تبلغ مساحة الأنشطة الاقتصادية 1.05 فدان بنسبة 1.23 بالمائة من إجمالي مساحة الكتلة العمرانية، وتتركز الخدمات الرئيسية على الطريق الدولي والمنطقة المحيطة بها على الطرق الرئيسية، بينما تتناثر باقي الخدمات في المدينة، وتصل إجمالي مساحتها إلى 2.9 فدان بنسبة 22.7 بالمائة من إجمالي مساحة الكتلة العمرانية.

إن مدينة كمدينة السلوم ليست فقط كنزا اقتصاديا واستراتيجيا، إنما هي مجموعة من الكنوز المنسية التي تنتظر من يمد يده ليستخرجها ويجعلها جوهرة لامعة في نطاق البحر الأبيض المتوسط، إن المدينة اجتماعيا قابلة للنمو العمراني والاقتصادي حسب رؤية المخطط، فقد انخفضت نسبة الأمية في 2006 حتى بلغت 40.8 بالمائة، وارتفعت نسبة الحاصلين على شهادات جامعية حتى بلغت 13 بالمائة والتي كانت قبل ذلك لا تتعدى 3 بالمائة من إجمالي نسبة السكان، كما شهدت انخفاضا في متوسط حجم الأسرة حتى بلغ 6.2، ووجود فائض في الوحدات السكنية يبلغ 900 وحدة، وانخفاض في الكثافة السكانية التي بلغت 20 فرد/فدان.

وكأن المدينة تنادي الحكومة بفتح الباب للمستثمرين من القطاع العام والخاص، فلا تهملوا تاريخا مكتوبا، واقتصادا ضخما، وعمرانا مدفونا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.