شعار قسم مدونات

في حوزتي أسرار إيرانية

blogs - iransama

لماذا نجح الإيرانيون وفشلنا؟ وكيف حققوا نجاحا في نحو أربعة عقود بسياسة خارجية أصبحت رقما صعبا إقليميا وربما عالميا؟ ثمة علاقة خفية بين السياسة الإيرانية وصناعة السجاد!
 

تقول المرجعيات السياسة الإيرانية إنها تعلمت الكثير من تلك الصناعة التاريخية.. كلمة السر فيها "لا تبدأ الغرزة الأولى قبل أن يكون لديك تصور كامل عن الغرزة الأخيرة"، هكذا فعلوا في البرنامج النووي؛ خطوتان إلى الأمام فإذا اعترض المعترضون رجعنا خطوة إلى الوراء فنكون قد كسبنا خطوة. ربما تكون هذه خبرة تاريخية مطردة لدى كثير من الأمم في عكس الواقع المعيش على واقعية السياسة.

الخلطة الأميركية:

الأميركيون بدورهم وكما يقول أشهر منظريهم في السياسة الخارجية في العقود الأخيرة لا يحلون المشاكل الدولية. يقول هنري كسينجر وزير الخارجية السابق إن من يعتقد أن بلاده ستجازف بالتصدي للمشاكل الدولية مخطئ فهي تقوم فقط بإدارة الصراعات لصالحها. هكذا فعلت مع القضية الفلسطينية منذ بداياتها رغم الأمل الذي علقناه عليها في كثير من المراحل، يذكرني ذلك بأطباء السرطان.. عايشت عن قرب حالة والدي رحمه الله خلال العام الماضي، كان الأطباء ببطء شديد يتابعون جرعات الكيميائي كمن يلاعب التنين، وفجأة مات أبي.. أدركت حينها أنهم لم يكونوا يأملون كثيرا في العلاج، كانوا يديرون المرض بانتظار انتصاره المؤكد في النهاية ولذلك انتصر.

يتعامل السياسي في عالمنا العربي بمنطق الموظف الحكومي الذي ينتظر الأوامر، لقد عمل بموجب العقد الموقع بينه وبين جهة العمل على تعطيل أية نوازع للمبادرة أو الإيجابية أو إعمال العقل!


السياسة العربية:

السياسة الخارجية في العالم العربي انعكاس لواقعنا، لسوء الحظ فهي تدار في الغالب بمنطق الوظيفة الأكثر شيوعا في عالمنا العربي اليوم. في غياب الصناعة وتآكل الزراعة وتردي الاقتصاد، فإن ذلك يعني بالضرورة "الوظيفة الحكومية".

يتعامل السياسي في عالمنا العربي بمنطق الموظف الحكومي الذي ينتظر الأوامر. لقد عمل بموجب العقد الموقع بينه وبين جهة العمل على تعطيل أية نوازع للمبادرة أو الإيجابية أو إعمال العقل! صحيح أن ذلك يحرمه من بعض المكاسب لكنه بالمقابل يعفيه من كثير من المسؤوليات. الكلمة الأخيرة في أي نقاش لديه هي: الجهة العليا قررت ذلك.
 

ولأن الخبراء يقولون إن واحدا من بين كل ثلاثة قرارات نتخذها يكون خطأ فادحا فإننا قررنا التوقف عن اتخاذ القرار.. حدث ذلك منذ نحو قرن عندما بدأت تتشكل الدولة الحديثة في العالم العربي. قررنا وبشكل جماعي أن لا نحل أية مشكلة تحدث في عالمنا على طريقة: دع الخلق للخالق و"للبيت رب يحميه".
 

بحسب ذاكرتي فإن القضايا على أجندة القمم العربية لا تعالج وتصبح حبيسة للكليشهات الجاهزة مثل الحديث عن حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره على تراب وطنه. وفي مرحلة لاحقة تتراكم القضايا حتى نبادر فقط للحديث عن الأحدث منها تاركين القديم على قاعدة "حسيبك للزمن".. وليتهم "يسيبونها" للزمن بل يقفون عقبة أمام أية محاولة لاستثمار عناصر القوة التي قد تستجد ويقمعون أي جهد لبناء موقف يعيد إليها فاعليتها على اعتبار أنه "لا يصلح العطار ما أفسد الدهر"!.. ولذلك نجح الإيرانيون وفشلنا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.