شعار قسم مدونات

الشباب وأزمة القراءة

blogs - raed

في نفسي تساؤل دائم: كيف السبيل إلى النهضة بأمتنا والارتقاء بحضارتنا؟ كيف نعيد مجدا كنا نملكه وعلما كنا ننشره في شتى بقاع الأرض وفي جميع المجالات؟ ما الطريق إلى سيادتنا وعودتنا في مقدمة الأمم؟

الإجابة على هذا التساؤل سهلة جدا وبديهية؛ فنحن للأسف فقدنا أساس العلم والمعرفة ومفتاح الرقي والحضارة وسبب التقدم والتطورألا وهو القراءة. في زمننا الحالي أصبحنا من أواخر الأمم على مستوى القراءة والتأليف.كما تظهر الدراسات والإحصاءات التي تتحدث عن مستوى القراءة والتأليف في العالم العربي ففي عام ٢٠٠٦ .

لست من دعاة التشاؤم أو من جلدة الذات، لكن نظرة سريعة على واقعنا كفيلة بإظهار حجم المعاناة والمأساة المرة التي نمر بها

معدل نشر الكتاب في الوطن العربي لم يتجاوز نسبة ٨٪‏، ونصيب كل عربي من الكتب المنشورة في العالم لا يتجاوز ٣٠ كتابا. فالمسألة واضحة وجلية إننا نعاني أزمة حقيقة مخيفة مع الكتاب.

أصبحنا للأسف أمة تستورد وتقلد ابتعدنا كل البعد عن الإبداع والإبتكار، وبالإخص على مستوى الشباب وهم الذين يعُول عليهم في نهضة الأمة ورقيها. القراءة هي من آواخر اهتماماتهم وقد تسبقها عند البعض اهتمامات أقل ما يقال عنها تافهة أو مضيعة للوقت. بل من المؤلم أن بعض الشباب أصبح لديه تصور خاطئ أن من يقرأ يعاني من فراغ أو وسوسة بالعامية السعودية (ملحوس).

عجبي من صنع مثل هذا التصور في أذهان الشباب. لست من دعاة التشاؤم أو من جلدة الذات لكن نظرة سريعة على واقعنا كفيلة بإظهار حجم المعاناة والمأساة المرة التي نمر بها. فلو أردنا أن نأخذ لمحة سريعة على أسباب عزوف الشباب عن القراءة وعدائهم لها، قد يتلخص الموضوع في بعض النقاط الرئيسية:

أولا: سهولة وسرعة الوصول إلى الشبكة العنكبوتية والكم الهائل من المعلومات التي تحويها صحيحة كانت أو مغلوطة مما أدى إلى حالة من التكاسل والتملل من مطالعة الكتب.
ثانيا: غياب الوعي بأهمية وضرورة القراءة وأثرها على الفرد والمجتمع.
ثالثا: كثرة الملهيات وتوفرها في أيدي الشباب من نت، وأفلام، وألعاب الفديو إلخ.
رابعا: المبالغة في أسعار بعض الكتب خصوصا وأن الشباب اليوم يعاني من أزمة مادية.
خامسا: وأخيرا غياب الحضور الفعلي للندوات والدورات ودورها على تشجيع الشباب وإرشادهم للقراءة. وهناك أسباب أخرى كثيرة لايسعني المقام أن أذكرها.

ليكن غرضك من القراءة اكتساب قريحة مستقلة وفكر واسع وملكة تقوي على الابتكار، فكل كتاب يرمي إلى إحدى هذه الثلاث فاقرأه

أما الآن فأترككم مع بعض الحلول والأفكار التي قد تساعد في إعادة ثقافة القراءة وأهميتها بين الشباب، يجب علينا أن نعي كأمة ونستشعر أن أول آية نزلت على سيدنا محمد صلوات ربي وسلامه عليه كانت اقرأ، أي أنه لاسبيل لسيادتنا ونهضتنا وإعادة صياغة مجدنا إلا عن طريق القراءة ونشر حبها وأهميتها بين أطياف المجتمع وخاصة جيل الشباب.

يجب أن يكون هنالك على الأقل مكتبة أسرية في كل بيت وعامة في كل حي، يجب أن يتم غرس ثقافة القراءة وحبها في النشإ وتحفيزهم على القراءة في مجال اهتماماتهم، أيضا على الجهات التربوية كالمدارس والجامعات والأندية إقامة مسابقات في مجال القراءة ووضع مكافئات تشجيعية عليها.

واختم التدوينة بنصيحة رائعة من نابغة الأدب وحجة العرب لمن أراد أن يقرأ قراءة مفيدة "ليكن غرضك من القراءة اكتساب قريحة مستقلة، وفكر واسع، وملكة تقوي على الابتكار، فكل كتاب يرمي إلى إحدى هذه الثلاث فاقرأه".

جعلنا الله وإياكم من أهل القراءة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.