شعار قسم مدونات

ألم يحن موسم الخروج من إيغاد؟

blog-سلفا

تواجه الدبلوماسية الجنوب سودانية تحديات جمة تتمثل في عدم وجود سياسة خارجية تنظم العلاقات أو الدبلوماسية مع الدول الأخرى وتعمل على تنفيذ الأهداف الخارجية لأي دولة، كما أنها من الوسائل المعمول بها لتحقيق مصالح الدولة داخل المنظمات الدولية أو ما يسمى بالمجتمع الدولي.

فمنذ أن استقلت البلاد ظلت وزارة الخارجية والتعاون الدولي تعاني من الفساد القبلي والعنصري المستشري فيها كغيرها من مؤسسات الحكومة القومية، فالمحسوبية الإثنية قد أقعدت ودمرت هذه الوزارة المهمة والتي يشوبها سوء الإدارة والتخبط وانعدام الاتجاه المحدد التي يمكن أن تتمكن من خلالها جمهورية جنوب السودان، فقد ظلت الإدارة العليا للدولة تجلس وتقرر ودون دراسة مسبقة وبشكل مستعجل في الأنضمام لكل المنظمات الدولية والإقليمية، وهي قرارات في راي الشخصي قد أضرت بمصالح جنوب السودان بصورة كبيرة جداً.

تتعامل الحكومة بعدم احترافية مع وجودها في منظومة سياسية كالإيغاد  تضم عددا من الدول غير المنجسمة في القرار السياسي

والذي قد لا يعرفه بعض منسوبي الحكومة بإن قرارات الانضمام إلى أي منظمة ذات  طابع سياسي إقتصادي عسكري فيها مخاطرعديدة قد تضر أكثر مما تفيد الدولة ، لان القرارات التي تتعلق بالسياسية الخارجية للدولة ليست كبقية القرارات المتعلقة بالشأن الداخلي للدولة، لأنها في البداية وقبل كل خطوة تخضع للنقاش الداخلي والخارجي وهذا النوع من النقاش بين الجانبين (الداخلي والخارجي) يوضح على سبيل المثال نوعية الضغوط المختلفة والمتعارضة مع مصالح الدولة والمنظمة في بعض الأحيان.

ولكن من المعلوم بأن السبب الرئيسي وراء سوء التخطيط و التخبط يرجع إلي إن الجهه أو المؤسسة التي من المفترض إن تخطط وتضع وتنفذ السياسية الخارجية لجمهورية جنوب السودان"وزارة الخارجية والتعاون الدولي" قتلها الفساد الأخلاقي عبر التوظيف القبلي العنصري فلا يمكن إن يترك عدد كبير من السفراء والكوادر المؤهلة ذوي الخبرة الطويلة في القطاع والعمل الدبلوماسي ويتم الإستعانة بأشخاص من خارج الحقل الدبلوماسي ودون تدريب والتسلسل المعروف في العرف الدبلوماسي وأسناد مسؤولية ضخمة كهذه و التي أثبت فيها الكثير من هولاء فشلهم الذريع .

فمن القرارات التي أتخذتها حكومة جنوب السودان بشكل مستعجل ودون دارسة كافية هو قرار الإنضمام إلي الهيئة الحكومية للتنمية –الأيغاد"IGAD" وإلي منظومة دول شرق إفريقيا وغيرها من الأجسام الإقليمية و الإفريقية، زد على ذلك القرار الغير موفق الذي تورطت فيه الحكومة عبر إتجاهها جنوباً وشرقاً نحو الدول ، فإن الحكومة إيضاً تتعامل بعدم إحترافية (سياسيا ودبلوماسيا) مع وجودها في منظمومة سياسية كالإيغاد التي تضم عدد من الدول الغير منجسمة في القرار السياسي.

وإيغاد التي تضم دولة السودان وأثيوبيا وكينيا ويوغندا جيبوتي وأريتريا والصومال وجمهورية جنوب السودان أخر الواصلين وأول المتضررين،و كلها دول لست لها علاقة سياسية ودبلوماسية قوية مع الحكومة فكيف تتواجد حكومة دولة مستقلة ذات سيادة في هكذا منظمومة معادية لها. كيف تتآمر كل دول الإيغاد ضد عضو فيهاعبرالتدخل سياسياً وعسكرياً في شئونها الداخلية دون موافقة من السلطات الحكومية المعنية.

ولإصلاح هذا الخطأ الاستراتيجي والذي لابد من منع تكراره في المستقبل القريب يجب على القيادة العليا لجمهورية جنوب السودان ممثلة في رئاسة الجمهورية و وزارة الخارجية والتعاون الدولي و المؤسسات التشريعية والحزب الحاكم وكل المؤسسات ذات الصلة بالعمل الدبلوماسي (رسمياً وشعبياً) محاولة مراجعة عضوية جنوب السودان في منظومة دول الإيغاد أو مراجعة علاقاتها الدبلوماسية مع بعض دول هذه المنظمة المعادية لها.

يجب التعامل بحزم مع دول الإيغاد التي وقفت صفاً واحدا ضد عضو كامل الحقوق بالمنظمة وحتى إن وصل الأمر إلى العلاقات غير الودية أي سحب كل سفرائها وبعثاتها

والمراجعة يمكن إن تصل مرحلة أستدعاء سفراء البلاد لدى هذه الدول للتشاور معهم حول الدور السلبي في القضايا الداخلية لجنوب السودان أو تخفيض البلاد بعثاتها الدبلوماسية إلي مستوى القائم بالأعمال كنوع متعارف عليه في العرف الدبلوماسي وعبارة عن رسالة أعتراض وأحتجاج دبلوماسي تعبر عن حالة الرفض والغضب من مواقف هذه الدول.

فعلى حكومة جمهورية جنوب السودان إن تفكر بصورة أكثرجدية وإحترافية لتحقيق مصالحها السياسية والإقتصادية والأمنية والدبلوماسية بكل الوسائل والسبل داخل منظمة الإيغاد، وحتى إن وصلت إلي مرحلة الخروج والإستغناء عن عضوية منظمة الإيغاد المعادية لها، ويجب أيضاً التعامل بحزم مع دول الإيغاد التي وقفت صفاً واحدا ضد عضو كامل الحقوق بالمنتظمة وحتى إن وصل الأمر إلي العلاقات الغير ودية أي سحب كل سفراءها وبعثاتها وقطع العلاقات الدبلوماسية مع هذه الدول،على قول هنري الفريد كسنجر فالسياسة الخارجية ليست عملا تبشيريّاً، فسؤالي لصناع السياسة الخارجية والقرار السياسي في جنوب السودان هو " ألم يحن موسم الخروج من الإيغاد".

يقول الباحث والسياسي الأمريكي و وزير خارجيتها السابق هنري الفريد كسنجر "في الأزمات الفاصلة يكون الأكثر جرأة هو الأكثر أمانا في أغلب الأحيان".

كلام أخير.. أستدعت وزارة الخارجية التركية القائم بأعمال سفارة النمسا في تركيا في يوم السبت 13 الماضي بسبب ما وصفته بأنه "تقرير بذيء" عن تركيا ظهرعلى شريط للأخبار بمطار فيينا وأظهرت صور على وسائل التواصل الاجتماعي أن عنوانا كتب عبر شريط إخباري بالمطار جاء فيه "تركيا تسمح بممارسة الجنس مع الأطفال الأقل من 15 سنة".

وقال مسؤول بوزارة الخارجية التركية "تم التعبير بشدة للقائم بالأعمال النمساوي عن انزعاجنا ورد فعلنا على هذا الأمر الذي يلطخ صورة تركيا ويتعمد تضليل الناس"، مضيفا أنه تمت إزالة العنوان بعد تدخل الوزارة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.