شعار قسم مدونات

هو وهي.. والحرب الضروس

blo - couple

الزواج ذلك الرباط المنعقد في السماء قبل أن تكتبه الصحف والوثائق.. والميثاق الغليظ الذي بحقه صار الحرام حلالا.. ذلك الذي جمع بين الذكر والأنثى في متضادين ليعيشا ويمتزجا ويتآلفا رغم الاختلاف في التكوين والتفكير والعمل.
 

تلك الارادة الإلهية بتحقيق التوازن على الأرض بين القوي والضعيف والميل الفطري الموجود في كل منهما نحو تكميل نقصه وسد فراغ كبير في حياة كل منهما.
 

نفتقر حقيقة إلى إعلام ينشر الحل، أكثر من التركيز على المشكلات التي تخرج من ينبوع واحد أوجدته أقلام غير جديرة بعرضها

تلك النصف روح التي تأبى إلا أن تستقر بنصفها الآخر مودة ورحمة وإعمارا للأرض.. تلك النعمة التي تحولت إلى ابتلاء ومحن متتالية فوق تعقيدات الحياة التي ما زادتها عولمة هذا العالم إلا نفوسا ضيقة وانتكاسات في فطرتها التي فطر الله الناس عليها.. بدعوى الانفتاح على الآخر والمساواة بين الجنسين في كل شيء!! وأنى لهذا المستحيل أن يتحقق ويحقق معه السعادة التي يبتغيها كل انسان على هذه الأرض على اختلاف دينه و عرقه و انتمائه.
 

تضيق الحياة بتعدد أسباب الطلاق في عالمنا العربي وهو – من المفترض- أنه الأعرف بهذه التركيبة الإلهية منذ خلق الله آدم وحواء وأسكنهما الأرض بأن الرجل مفطور على القوة ويريد نصفه الضعيف الذي يشعره بقوته.. وهي مفطورة على الضعف وتريد من نصفها الآخر الحماية التي تشعرها بوجودها.. وكلاهما لا يستطيع أخذ دور الآخر لأنه لا يمكن تغيير خلق الله ولو اجتمع فلاسفة الدنيا وعلماؤها على ذلك.
 

ما دفعني إلى هذا الكلام هو رغبتي في رد كل ما سمعته من مشكلات زوجية منذ أن وعيت هذه الدنيا إلى شيء واحد ينقص كلاهما.. فهي تفهم ضعفها ذوبانا فيه وهو يفهم قوته سيطرة عليها وكلا الأمرين أتيا من غرس اعلامنا وضخ الدراما التي ما ملت عرض ذات القصص منذ عشرات السنين.
 

أنك أيتها المرأة مقهورة منذ خلقت وآن لك أن تتحرري من هذا الضعف.. وأنك أيها الرجل لن تكون قويا إلا على ضعف المرأة.. وأنّى لهذين المفهومين أن يلتقيا ولو طال الزمان؟ وأنى لمثل هذه الموروثات الثقافية أن تحصد إلا التنافر والتناحر والصراع المستمر؟
 

لن أدخل فيما كتب به الكثيرون قبلي.. ولعلّني سأختصر جميع ما قيل في فكرة واحدة لتكون أسهل في التلقي ومن ثم الإدراك والعمل.. فنحن نفتقر حقيقة إلى اعلام ينشر الحل أكثر من التركيز على المشكلات التي تخرج من ينبوع واحد أوجدته أقلام غير جديرة بعرضها قبل أن تقترح علينا حلول لا تمت إلى ثقافتنا بصلة.. كالخيانة أو العنف أو الانفلات من كل قيد بدعوى الحرية.
 

أصل صناعة الرأي العام هو تكرار الرسالة الإعلامية لتصوغ العقل الجمعي ولو بعد حين

نفتقر إلى الروح المتفائلة التي تضع يدها على الجرح وتسوق القصة كلها لترينا النهاية التي نفضل أن نراها ولو كانت نادرة الحدوث.. فالمشاهد ذكي ويعرف أن لا وجود للنهايات السعيدة إلا في قصص قليلة.. لكننا كإعلاميين وكتاب ندرك تماما أن أصل صناعة الرأي العام هو تكرار الرسالة الإعلامية لتصوغ العقل الجمعي ولو بعد حين.
 

فما المانع من أن يتم عكس هذا التيار الجارف من المحتوى الذي جرف معه القيم والأخلاق بل حتى الأسر إلى حافة الهاوية وتجريب طريقة جديدة في كتابة دراما واعية بحلول جديرة وخلاقة ومسلية في نفس الوقت.. مسلسلات يجد فيها المشاهد واقعا حقيقيا وحلا للكثير من أزماته النفسية والإجتماعية بدلا من التركيز على الجسد والديكورات وقصص الخيانة والدعارة وكأنها تمثل المجتمع بكامله بل كافة معاناته وتطلعاته.
 

ما المانع من أن يرتقي دور المثقفين في عالمنا إلى الكتابة للتلفزيون وزيادة كم ونوع الدراما المنافسة والمأمولة التي مل المتابع لوضع عالمنا العربي مشاهدة المحتوى المعاكس لها في كل شيء وقد طال بها أمد الانزواء وترك الكرة في ملعب التافهين وأصحاب الأموال فقط.
 

ما المانع من انفاق الأموال على الاصلاح بدلا من الخراب والبناء بدلا من الدمار والحياة المأمولة بدلا من الموت البطيء والمحقق.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.