شعار قسم مدونات

هكذا نصارع ذاتنا في المهجر!

blogs - boot
أن تعيش في بلد آخر ولغة جديدة وفي مجتمع مختلف فهذا بحد ذاته كفاح من أجل الحياة وبحث عن الاستقرار. 

نعم يا صديقي هاجرت أو ربما لجأت، لا يَهمني ما تسمي ذلك. لكن ما يهمني ربما لا يهم كثيرين، وفي الواقع هو همُّ كل شاب عربي في ظل ما تشهده المنطقة العربية من كبت للحريات ومنع لحق التعبير.

على قارب صيد متهالك لجأت أنا، تجرعت مع غيري من الشباب مرارة العيش والظلم في بلدي سوريا، كان البحر ملاذي الوحيد، فتركت خلفي ماضٍ وأشياء لن تمحيها السنوات من ذاكرتي.

حتى في الغربة يا صديقي!
كل صباح أحتسي مرارة الصراع من أجل الهوية. من أنا، لأي دين أو عقيدة أنتمي؟
أسعى دائماً للحفاظ على شخصيتي، عن كياني وانتمائي.

كمهاجر، عليّ أن أعمل وأثبت أنني لست هنا من أجل أن أتقاضى مالاً من الآخرين 

أحاول أن أكون شخصاً إيجابياً فاعلاً في المجتمع الذي بت أحد أفراده، وأشارك في نشاطات تهم التكامل الإجتماعي وأعمل على طرح قضايانا كمهاجرين في كل نقاش وأنتقد المجتمع السويدي في تعامله مع دمجنا فيه.

نجد أنفسنا جميعا ضمن دائرة ”المهاجرين يعيشون من أموالنا ولا يحترمون قوانيننا” بسبب بعض المهاجرين ممن يعيشون طيلة حياتهم على مساعدات الضمان الاجتماعي، لذا علي أن أعمل وأثبت العكس وأنني لست هنا من أجل المال أو أن أتقاضى مالاً من الآخرين.

منذ عامين وصلت هذا البلد الجميل، ذو البنية التحتية الرائعة والنظام المؤسساتي والاجتماعي العادل؛ السويد.

سلكت طريق الموت ياصاحبي، لم أكن سائحاً. 
فالدخول إلى المجتمع السويدي كان أشبه بالمستحيل، كان التعرف على أهله ينحصر في الكُتب والمدارس، لكن دخلت المجتمع وبات لي مكانة فيه والحمد لله. 

قاتلت نفسي وشهواتي من أجل الحفاظ على هويتي ومبادئي ودمج الثقافة العربية التي أحملها في حقيبتي مع ثقافة المجتمع الإنساني السويدي.

لن أصبح يوماً سويديا، حتى مع إمكانية حصولي على الجواز السويدي، فلون بشرتي واسمي يُبقياني خارج الإطار

السويديون شعب بسيط، إنساني، محبٌ لفعل الخير، لكن تراكمت في داخلهم ذرات من الحقد والكراهية لنا، جراء أفعال بَعضُنَا وعدم مبالاتنا في المطالبة في حقوقنا المشروعة والمشاركة معهم في بناء المجتمع الذي منحنا الأمان والحريّة والديمقراطية. 

لن أصبح يوماً سويديا، بالرغم من إمكانية حصولي على الجواز السويدي مستقبلا فهذا لا يعني أنني سويدي، فلون بشرتي واسمي يُبقياني خارج الإطار.

أعمل منذ شهور في أحد الصحف السويدية كصحفي، أكتب أخبار محلية وتقارير ومعلومات أستهدف فيها الجالية العربية لتصل إليهم الأفكار والمعلومات فيما يهمهم، وفي المقابل أخاطب السويديين وأرسل رسائل إيجابية عن أبناء جاليتنا. فالصحيفة باتت بعدة لغات؛ العربية والسويدية والإنجليزية. 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.