شعار قسم مدونات

إننا مجرد نسخة ما لم نحدث تغيراً

Blogs - Photo - Copy
 

أعلم أن الكتابة والرسم والتصوير مثل الحب في عصرناأصبح مبتذلاً ومستهلكاً بطريقة مقرفة و مؤذية !
الجميع يدعي أنه يحب، ويتألم ويبذل ولا يلقى نصاباً يكفيه، لكن لا أحد يخلص في حبه إلا القليل.

الجميع يكتب ويهذر ويسطر كلمات مسجعة ورنانة لكن لا أحد يكتب بطريقته الخاصة ويحمل بين سطوره هدفا ما أو قضية راقية إلا القليل.

وهذا لا يعني أن نتوقف عن الحب لأن هناك بعض الكاذبين، كما لا يعني أن نتوقف عن الكتابة أو الرسم أو التصوير أو غيرها لمجرد أنها أصبحت مواهب مستعملة.

الكتابة والرسم والتصوير مثل الحب في عصرنا أصبح مبتذلاً ومستهلكاً بطريقة مقرفة و مؤذية

وجود رسامين مبدعين تطوف أسماؤهم العالم رغم وجود حصة الرسم في كل مدارس الدنيا.

وجود كتاب متألقين مأثرين رغم حصة التعبير التي سنحت لكل طفل وراشد أن يمسك القلم ويكتب قصة قصيرة أو مقال بحكم الواجب المدرسي والخوف من العقاب أو بحكم التجربة البشرية في اختبار كل ما حولنا ومحاولة إتقانه.
وجود المصورين الذين وصلت أفلاهم للعالمية برسالة رائقة رغم كل البشر الذين يملكون أجهزة نقالة فيها أدوات تصوير زهيدة ومحترفة في آن واحد.
لم توقفهم تلك الاعتيادية والإتاحية عن ممارسة شغفهم الحقيقي، ولا كلام الناس وأحكامهم الواهية على فنون العصر الحديث.

إنه عصرنا وعمرنا وتاريخنا وحضارتنا، فبعد مئة عام من الآن لن نكون سوى غبار لهذه الكونية،
وسيذكر التاريخ سذاجة شعبنا لكن بشكل هامشي لأن بريقهم سيزول سريعاً، ثم سينساهم إلى الأبد.

كما سيذكر ثلة من المصورين أمثال سماح صافي وآلاء حمدان وطارق بدار.

والكتاب أمثال محمد حسن علوان وعبد الرحمن منيف ومريد البرغوثي ورضوى عاشور وغيرهم
من الكتاب المذهلين والأحياء حتى هذا المقال!

هؤلاء الذين أصبحوا وسماً في مجالاتهم وقدوة رائعة لكل أفراد الجيل الجديد المشتعل.

من الإحجاف والتقاعس أن نتوقف عن ممارسة حيواتنا كما نريد لمجرد خوفنا من هذه الدوامة
المزرية، وخوفنا مما قد يتناقله الناس عنا ومن ردة فعل المجتمع الصغير الذي يحيط بنا والعالم الكبير الذي يضمنا.
خوفنا من أن تذوب جمالية أعمالنا في هذه الكومة وتحت وطأة الكثرة.

على عاتقنا أن نتعلم، نتعلم حتى نصل لمرحلة يستحيل معها أن نأتي بفكرة سابقة، حتى نصل لمرحلة مستفيضة من الأفكار الجديدة الإبداعية والخلاقة، وأن نتفرد بكل مواهبنا واضعين سمة بارزة ولمسة مميزة ونادرة، متفردين بهذا عن الحشد المنسوخ، تاريكين خلفنا ذكرى لا تزود ولا تمحى.

إن الجميع يعتقد أنه مميز، لكن لا أحد يفعل ما هو مميز حقاً.
تذكر يا صديقي أننا مجرد نسخة ما لم نحدث تغييراً في هذا العالم القذر.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.