شعار قسم مدونات

أمة الألف يوسف

Blogأطفال سوريا

في احتضان الأرض لرُفاتك المتآكل وهامتك المتغطرسة دليل أمومة.. أمّ تأبى ظلم أبنائها، ولا تزال !! حيث إنّ العدل من الله.. والظلم هو الشيطان.

الظلم هو شقاء بائس.. هو لفظة جارحة مؤذية، تقطع نياط القلب وتبكي صم الجبال.. ذلك أن للمظلوم لوعة وجوًى..لا تستشعرها إلا ثكلى وهي التي لها ولدٌ واحد ثم يموت.

نواح الباكيات دماً على موت "يوسف" نتيجة قصف الطائرات لمدينته "حلب" نواحٌ استصرخ كل ذرة مروءة.. فلا مجيب ولا نكير

في الأمة المظلوم أهلها تنظر عجوزا بلغت من العمر عتيّا، تسترحمُ القائمين على إحدى مدارس المهجرين بأرضهم ظلما_أن يوفروا لها فصلا لا لتعليم المحو والأمية، بل لسترة ما تبقى من تقاسيم جسد أثقلته السنوات.

الأمة نفسها المفعول بها جوراً ترى فيها امرأة تستجدي رغيف خبز بصوت خافتٍ ومنهك _ مخافة أن يتم نهرها، وأخرى تتوسد أرض مخيم للنازحين في أوطانهم شططا وقهرا تتوسل شفقةً، في مشهدٍ يذيب القلوب المتحجرة، ويستهوي الأفئدة القاسية.

نواح الباكيات دماً على موت "يوسف" نتيجة قصف الطائرات لمدينته "حلب" نواحٌ استصرخ كل ذرة مروءة…فلا مجيب ولا نكير.

يوسف المسجّى ظلماً ذهب إلى ربه وسيخبره بكل شيء؛ سيشكوه الخذلان والصمت ..صمت أمة ضيّعت بوصلتها الإلهية "الفطرة" في معرفة معاني القسط والعدالة.

فكم في أوطاننا من يوسف..؟ وكم فيها من صرعى مظالم..؟

بوجهٍ كالحٍ أسود.. يخرج عليك الظالم عبر وسائل الإعلام متبختراً يبررُ قتل الأبرياء في سوريا مصر ليبيا العراق وغزة فلسطين… تراه مذموماً مدحوراً ومكروها.

تتفاجأ بتصفيق وتطبيل جمهور الظالمين له، تهليلا وتكبيرا بإنجازاته القاضية بقتل الأطفال والنساء، تناظرهم في مشهد صاعق ينذرُ بولادة ملايين الطغاة.

إجابة دعوة المظلوم أمرٌ حتمي، والاقتصاص من الظالم وعدٌ سماوي.. جزاء من جنس العمل، ونكالا له البغض والصيت السيئ ما عاش في الدنيا.. والآخرة أشدّ وأبقى

في هذا المشهد يموت المظلوم كمدا ألف مرة ومرة…يبكي خيانة إخوة الدم والأرض، يبكي صمت من ظن أنهم أبناء شعبه.

بكاء المظلوم كأنما الأمطار في السماء تهطل في جوفك…كنزيف القلب ونحيبه .. حيث تجرّع الغُصص والكبت الدفين.

ذاك الأذى الكامن بين أضلاعك، المتمكن من كل جوارحك، الغارق دما بين أوردة قلبك وشرايينه…كيف له أن يهدأ…كيف لهذا المرجل المتوقد ظلما ..أن يخبو..؟

سكون ذلك القلب وخموده هو خيانة لكبريائك، ركونك للظلم والرضوخ له هو تجاسر على مشاعرك المكمودة غلاً ..على أحاسيسك اللهيفة المستطال عليها، هو اغتصاب وغصب وقهر ..لا ينبغي لك الركون إليه.

"إذا وضع الله الميزان ، وجمع الأولين والآخرين، وتكلمت الأيدي والأرجل بما كانوا يكسبون، كيف يكون أمري وأمرك عنده غداً؟" ..هو استفهام "شيبة" عجوز، تساءلت خلجات نفسها ثقة وصدقا .. وانتفض فؤادها توكلا ويقينا بالعدالة الإلٰهية.

إجابة دعوة المظلوم أمرٌ حتمي! والاقتصاص من الظالم وعدٌ سماوي… جزاء من جنس العمل، ونكالا، له البغض والصيت السيء ما عاش في الدنيا.. والآخرة أشدّ وأبقى.. "ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار".

حُطام بالٍ.. بقايا ميت.. آثارُ إنسان؛ تلك هي عُقبى البشر.. ظالمهم ومظلومهم!! وما كان ربك نسيّا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.