شعار قسم مدونات

قصتي مع الإعلام بين الحلم والواقع

blogs - media2
 
عندما يقترن الطموح بالحلم ويمتزج كلاهما بالواقع يصبح هدفك واضحا وطموحك واقعيا.
 
لم يكن دخولي لمجال الإعلام مجرد صدفة بل نبع من عشق بزغ منذ كان عمري في حدود الثلاثة عشر عاما. 

كان حلما وبات واقعا.. كنت في ذاك العمر الصغير أكتب الأخبار الرياضية بالخصوص وأجمع أقاربي ممن هم في عمري لأقدم لهم النشرة الجوية وأسجل برامج رياضية من وحي خيالي مستعلمة جهاز الراديو والأشرطة التقليدية.

كنت عندما أقرأ النصوص العربية في الفصل تختم صديقتي الجالسة بجانبي على الدوام قراءتي فتقول شكرا على المتابعة وإلى اللقاء.. تلك أيام جميلة جدا كنت أرى طموحي واضحا وبلوغه سهلا، لكن ما كل ما يتمناه المرء يدركه.
 

واصلت دراستي الإعدادية فالثانوية وكنت جيدة جدا في المواد العلمية ما جعل أساتذتي يرفضون توجهي للأدب، لكني رفضت رفضهم وتشبثت بذلك، وبلغت الباكالوريا ونجحت ولم أر أمامي سوى وجهة واحدة هي معهد الصحافة.

ورغم محاولة كثيرين إقناعي بدراسة اللغة الإنجليزية مثلا أو غيرها إلا أن أذني صمت أمام كلامهم، وحججهم في ذلك أن خريجي هذا المعهد كانوا كثيري البطالة، لكني كنت مقتنعة اقتناعا تاما أن من يكون متميزا ويثابر يصل.
 

لن أطيل، درست الصحافة بعشق وتميزت في تحرير الأخبار في السنوات الأولى، ثم في تقديمها في السنوات التي تليها اخترت في سنة التخرج التخصص في الإعلام الرياضي ودرسته بعشق مذهل، ومن المفارقات أن رسالة تخرجي كانت بعيدة عن الاختصاص الرياضي الذي كنت أتابع أخباره ومسابقاته بشكل منقطع النظير.

 Racism against middle eastern in the american press

الأشواك ليست سوى وهم يصنع بأياد بشرية ويحصده طموح يرى صاحبه عبره في الأشواك ورودا

ذاك كان عنوان رسالة، وكان التحدي هو إنجاز رسالة باللغة الإنجليزية في بلد فرانكوفوني يقتصر مستعملو الإنجليزية في رسائل ختم الدروس فيه على خريجي اللغة ذاتها.

لن أطيل عليكم، تخرجت وأتممت سنوات دراستي الأربع، واصطدمت بالواقع التونسي، واقع لا مكان لك فيه دون وساطة، جلست في بيتنا وغيرت بطاقتي الوطنية ليكتب فيها المهنة: أشغال منزل.
 

كانت ذلك دافعا جديدا لي للخروج والانتفاض، عدت للعاصمة التي تبعد مائتي كيلومتر عن قريتي الجميلة، درست الماجستير واشتغلت بدون راتب وبمائة دينار وبأقل من ذلك، كانت رغبتي الوحيدة التطور، لكن في كل مرة يعود فيها منسوب الطموح إلى الصفر أعود أدراجي إلى قريتي، لطالما حاول أقاربي البحث عن عمل لي بعيدا عن الإعلام لكني كنت دائمة الرفض، فأنا لم أدرس الإعلام لأتخصص في غيره.
 

إلى أن انطلقت بأول تجربة تلفزية كانت متعبة وممتعة، أيقنت إثرها أن العمل في ظروف صعبة تفتح أمامك الطريق معبدا في ما يليها من تجارب، تجربة فتحت أمامي المجال على مصراعيه، وكانت انطلاقة رغم ما رافقها من أشواك ممتعة حصدت إثرها التجربة والقدرة على التعامل مع كل ما يحيط بمهنتنا: الصحافة مهنة المتاعب والامتاع.

تواصلت التجارب وزاد الحب وزاد معه التيقن بأن الأشواك ليست سوى وهم يصنع بأياد بشرية ويحصده طموح يرى صاحبه عبره في الأشواك ورودا، وإن صعبت الحياة وأغلقت الأبواب أمامك يظل الطموح وعشق مجالك سلاحك في الحياة، فتفاءل وتوكل على الله. 

على فكرة تخليت عن الاختصاص الرياضي، لكني لم ولن أتخلى عن الإعلام وإن أرهقني وإن أتعبني، فذاك حلمي وسيظل طموحي ما حييت.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.