شعار قسم مدونات

رابعة والإنسان المصري

blogs - rabiaa

عام ثالث مر على مذبحة رابعة العدوية أو ما تسمى بمذبحة القرن. الحدث الأسوأ في تاريخ مصر الحديث في القرن الواحد والعشرين كما وصفته المنظمات الحقوقية العالمية.

استطاعت الآلة الإعلامية الموالية للانقلاب طمس الشخصية المصرية الطيبة المعروفة بتسامحها وتعاطفها ورفضها للدم، أيا كان هذا الدم دينه أو لونه أو عرقه.

لعل أخطر ما خلفته مجزرة رابعة هو ذلك الجرح الغائر الذي قطع أواصر الأخوة والترابط بين أبناء الشعب الواحد هو 

هكذا عُرف البيت المصري بكل أطيافه ومكوناته حتى أن هذا العاطفة تظهر جليا في المشاهد السينمائية التي تجسد الظلم أو القهر إذ تمتلئ عيون المصريين بالبكاء مع كل مشهد من هذه المشاهد، بل أكثر من ذلك قد تجد شوارع القاهرة شبه خالية من المارّة مع إذاعة الحلقة الأخيرة من مسلسل ينتظر فيها المصريون القصاص العادل من ظالمٍ متكبر تابعوه طيلة الحلقات، لتسمع التكبير في البيوت بل والبكاء على مشهد رُدّت فيه المظالم إلى أصحابها.

والسؤال هنا: ماذا حدث للمصريين؟ أين دموعهم على مئات القتلى وهم يشاهدون هذه المشاهد الحقيقة على الهواء مباشرة على شاشات الجزيرة وغيرها من القنوات؟ كيف استطاع الإعلام أن يطمس هذه الهوية الطيبة؟

هذه الاسئلة تدور في خاطري وخاطر كل مصري عايش هذه الأحداث ورآها رأي العين إن لم يكن في أرض الحدث وبين الرصاص والجثث.

ولعل الجرح الغائر الذي نتج عن هذه المجزرة والذي قطع أواصر الأخوة والترابط بين أبناء الشعب الواحد هو أخطر ما خلفته مجزرة رابعة، بل ستكون أكثر القضايا تعقيدا بعد زوال الانقلاب الغاشم بإذن الله وهو كيف يلتئم البيت المصري مرة أخرى؟ وكيف ينتشر التسامح بين أبناء البيت الواحد فضلا عن الوطن الكبير؟

الحالة المصرية تحتاج أن يلتئم شمل المعارضة ويتوحد المختلفون فيها حول هدف واحد وهو إسقاط الانقلاب

إن الذي صنعه قائد الانقلاب والمؤسسات المؤيدة له يحتاج عشرات المحاكم لكي تفصل فيه ولكي تعيد الحقوق لأصحابها، بل إن القانون الذي ضرب به عرض الحائط في دولة السلطة القضائية فيها تعدت كل الخطوط الحمراء في الفصل في القضايا وفي إصدار أحكام الإعدام التي لا مثيل لها في الوطن العربي من حيث الكم والكيف هذا القانون يحتاج الى تشريعات جديدة تضمن حماية الإنسان أي إنسان من أن يحدث به ماحدث للإنسان المصري بعد الانقلاب حتى اليوم.

إن الحالة المصرية تحتاج أن يلتئم شمل المعارضة ويتوحد المختلفون فيها حول هدف واحد وهو إسقاط هذا الانقلاب الغاشم وحماية الدولة المصرية من السقوط الذي نحن على وشك الوصول إليه في ظل تردي الوضع الاقتصادي والقمع البوليسي والانسداد السياسي والمشاريع الوهمية والتخلف العلمي والفقر المائي والفشل الدولي في كل الملفات وسيطرة العسكر على كل مقومات الدولة وشؤونها.

إننا حقا نعيش مآساة بمعنى الكلمة قد لا يدركها كثير من الإخوة العرب أو الأصدقاء في الدول الأخرى إنما الذي يدركها جيدا هو الإنسان المصري الذي عاش ثلاث سنوات عجاف ربما لم تشهدها مصر منذ عشرات السنين.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.