شعار قسم مدونات

دور السينما في نقل قضية العمران في مصر

blog مياني
قضية العمران من أبرز القضايا التي تشهدها مصر، حيث شهد العمران تباينا كبيرا خلال فترات زمنية متقاربة، فقد مثلت تلك القضية وجبة دسمة للسينما المصرية، مما جعل سيناريو الفيلم لا يبعد كثيرا عن الواقع.

أبرز تلك الأفلام التي ناقشت قضية العمران فيلم "صرخة نملة" عام 2011، الذي قام بدور البطولة فيه الفنان عمرو عبد الجليل، حيث جسد الفيلم حياة قاطني مثلث ماسبيرو وقضية العمران في تلك المنطقة، وتباين الحياة العمرانية لسكانها والأبراج المحيطة بهم (أبراج نايل سيتي)، واعتمدت مشاهد الفيلم الرئيسية على لقطات تلك المناطق المتهدمة وغير الصالحة للحياة في لقطة واحدة مع أبراج نايل سيتى.

شهد العمران في مصر تباينا كبيرا خلال فترات زمنية متقاربة، ومثلت تلك القضية وجبة دسمة للسينما المصرية، مما جعل سيناريو الفيلم لا يبعد كثيرا عن الواقع

الفارق الكبير بين تلك المناطق والذي ولّد العديد من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية لدى سكان المنطقة أولها الفقر، الذي عبر عنه بطل الفيلم في جملته "البلد دي مش بلدنا، البلد دى ليها أصحاب، نخرس بقى بدل مايرحلونا".

ناقش الفيلم أيضا أسباب تخلف تلك المناطق عن المناطق المحيطة وجسدها في فساد الحزب الوطني الحاكم وقتها، ووعود نواب مجلس الشعب لهم وإخلافهم وفساد الوزراء.

وعن قصة الفيلم قال المؤلف طارق عبد الجليل إن الأحداث تدور حول صرخة فئة كبيرة من الشعب تمت الإشارة إليهم "بالنملة"، حيث يعانون من الأزمات ولا يجدون من يسمعهم، وهو ما يؤدي إلى اتحادهم وثورتهم ضد الظلم.من الأفلام التي سلطت الضوء أيضا على قضية العمران فيلم "حين ميسرة" للمخرج خالد يوسف وبطولة عمرو سعد الذي نقل صورا مجسدة لمساكن الصفيح وحياة أهلها ومعدلات التزاحم العالية داخل الغرفة الواحدة وسوء حالات البناء لجميع المباني التي ظهرت في الفيلم، وانتقلت الكاميرا بين ثنايا وربوع العشوائيات في القاهرة وعششها، مرورا بحركة القطار إلى الإسكندرية وأطفال الشوارع الناتجين من تلك القضية، كما ركز الفيلم على المشاكل الاجتماعية الناتجة عن قضية العمران، وتحديدا أن تلك المناطق تكون ملجأ للهاربين من العدالة وبؤرا إرهابية.

ومن الأفلام المهمة التي ناقشت تلك القضية أيضا فيلم "عمارة يعقوبيان" عام 2006، وهو عن رواية علاء الأسواني، وناقش الفيلم العديد من القضايا التي تمر بها مصر، ومنها قضية العمران، وركز على منطقة "وسط البلد" والعمارات القديمة التي تحمل التاريخ الخديوي، وكيف تحولت بسبب الإهمال في تطويرها أو المحافظة عليها إلى مبان ذات واجهات سيئة لا ترقى إلى القيمة الأثرية لتلك العمارات، وكيف تحولت أسطح تلك المباني إلى عشوائيات يسكنها الفقراء ممن لا دخل لهم، وجسدها المخرج في مشهد لأحد أبطال الفيلم "عادل إمام" وهو يقول "يبصوا على البلد الي باظت، يبصوا على العمارات اللى كانت احسن من عمارات أوروبا، دلوقت بقت مزابل من فوق ومن تحت مسخ ".

ومن أبرز الأفلام التي ناقشت قضية العمران والسكن فيلم "كراكون في الشارع" عام 1986، الذي تدور قصته عن المهندس شريف "عادل إمام" وزوجته سعاد المدرسة وابنتهما سارة وابنهما هاني ووالدته الذين يقيمون بمساكن الإيواء بعد هدم منزلهم، ونظرا للمستوى غير الإنساني للمعيشة في مساكن الإيواء يلجؤون إلى فناء حوش الأسرة ويفاجؤون بإقامة أبو دومة فيه، وتأمر النيابة بأن يتقاسموا الحوش.

لا نستطيع إنكار دور السينما في نقل قضايا العمران المختلفة في مصر، وإن كانت بعض الأفلام ناقشتها كموضوع جانبي، فإنها ناقشت القضايا الاجتماعية المترتبة على ظهور تلك المناطق

يتمكن شريف من تصميم مسكن متنقل من الأخشاب والإقامة فيه، ويتعرض لمضايقات عديدة، وتنجب زوجته ولدا يسميه كراكون، من وحي استدعائه المتكرر للكراكون بتهم كثيرة، كسرقة التيار الكهربائي وإشغال الطريق، ثم يقتنع عدد كبير من الشباب بفكرة المسكن المتنقل بعد إذاعة برنامج تليفزيوني عن تجربة شريف، ويشرعون في إقامة عدد من هذه المساكن بالصحراء، لكن شرطة المرافق تقوم بإزالتها بناء على أمر سلطات المحافظة، في النهاية تتدخل السلطات العليا وتأمر بالإبقاء عليها.

ناقشت كذلك العديد من الأفلام تلك القضية، وأبرزت خلال مشاهدها حالات التدهور العمراني وقضايا العمران في مصر، ومن تلك الأفلام "إبراهيم الأبيض، والألماني، وجمهورية إمبابة، وريجاتا".

لا نستطيع إنكار دور السينما في نقل قضايا العمران المختلفة في مصر، وإن كانت بعض الأفلام ناقشتها كموضوع جانبي، فإنها ناقشت القضايا الاجتماعية المترتبة على ظهور تلك المناطق، سواء كانت ثقافية، أو بيئية. وتعتبر أفلام "صرخة نملة، وحين ميسرة، وعمارة يعقوبيان" أفضل الأفلام التي ناقشت التدهور والتخلف العمراني التي وصلت إليه أحياء القاهرة وضواحيها والمشاكل الناتجة عنها، بينما يعتبر فيلم "كراكون في الشارع" أفضل الأفلام التي ناقشت قضية إسكان المقابر، وقضية الإسكان عامة، مع وجود مناطق صحراوية قابلة لبناء مساكن جديدة بتكاليف قليلة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.