شعار قسم مدونات

عندما تحولت رابعة إلى ترند على فيسبوك!

blogs son

مع مرور ذكرى رابعة كل عام تتحول مواقع التواصل الاجتماعي إلى منصة تمتلئ بالنوستاليجا الثورية لجماهير الإسلاميين وجماهير الإخوان خصوصاً.. كل يحكى تجربته الشعورية والروحية التي استشعرها في الميدان (يوتوبيا) ويترحم تارةً على الجو العام وتارة يترحم على خطابات المنصة وصلاة القيام والنوم في الخيام والمسيرات الحاشدة الداخلة والخارجة من الميدان.. إلخ من الفعاليات والأحداث الممتلئة بالشحن العاطفي والمعنوي للجماهير الموجودة بالميدان!

لكن مع كل الذكريات السعيدة التي تحملها لهم رابعة تناسوا أو قل تغافلوا عن الجانب الأسود أو سمها الكوميديا السوداء لرابعة والتي انقطع لتدوينها قطاع آخر لم يستطع أن ينزع من مخيلته النهاية المتشحة بالسواد والدم!

رابعة تحولت إلى تريند بدل أن تتحول إلى لحظة فاصلة بين حقيقتين وواقعين، بين نفسيتين وحالتين شعوريتين، بين وجدانين وعقلين؛ عقل ووجدان ما قبل وعقل ووجدان ما بعد، تفصل بين وطنين؛ وطن ما قبل رابعة وبقايا وطن ما بعدها!

لقطاع من الشباب تمثل رابعة ذكرى التغافل عن حقيقة لطالما كانت واضحة وضوح الشمس في منتصف النهار، تمثل المجزرة والمأساة، تمثل ساعات من الاشتباكات بين قوتين غير متكافئتين في محاولة لصنع كربلائية يتم بها استعطاف المجتمع الدولي للتدخل لإنقاذ الوضع لإنقاذ حلم لم يكتمل!
هي ذكرى عقود وتراكمات من الغباء السياسي والشعارات الفارغة من المعنى والمشاريع الحالمة غير المدركة لطبيعة المرحلة وطبيعة الصراع وتوازنات القوى! لخطاب جماعاتي يعمق الانقسام يقود إلى الحافة، إلى المعادلة الصفرية!

تغافل الجميع عن المذبحة وعن الصدمة الهادمة لكل أصنام ما قبل وما بعد المذبحة، وانغمس بعضهم في غفلته لعله يحصد ما امتلأت به مخيلته من ذكريات هذا المكان ويلقيها إلى براثن النسيان. والبعض انغمس في انقسام داخل انقسام ليتشتتوا شيعاً وأفرادا يتصارعون على قيادة المرحلة في تراجيدية حزينة!

لم يبق من رابعة سوى بعض التدوينات على الموقع الأزرق تُعيد نفسها كل عام لتذكرنا بحدث فاصل غيّر مسار الكثير وغير حيوات الكثيرين و سلب حيوات الكثيرين!

تحولت رابعة إلى تريند بدل أن تتحول إلى لحظة فاصلة بين حقيقتين وواقعين، تفصل بين نفسيتين وحالتين شعوريتين، تفصل بين وجدانين وعقلين؛ عقل ووجدان ما قبل وعقل ووجدان ما بعد، تفصل بين وطنين؛ وطن ما قبل رابعة وبقايا وطن ما بعدها!

أرى وأتحسر اليوم على حال من لم يُعمل عقله فيما جرى أو من التجأ إلى كهفه لعله يحتمى به من الخارج أو من لم يغير قناعاته وأفكاره وتصوراته أو من التجأ إلى عُصبة ممن تشابه عليهم الحال يستعينون ببعضهم على الهرب مما ألم بهم من أسئلة يعجزون عن إجابتها!

أفيقوا يرحمكم الله.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.