شعار قسم مدونات

إنّ مع العسر يسرا

blog تدوين

صدق من قال "من رحم الأزمات يولد الفرج" وأبدع من زاد "خير مولود في زمن القمع تدوين".
 

لا يزال قلبي يرتعش فرحاً، وأناملي تتراقص طرباً بعد سماعها نداء الحياة من قلب عاصمة الإعلام، ومنبر الفرسان مؤسسة الجزيرة الإعلامية، تدعو من خلاله الكتاب والمثقفين إلى نهضة جديدة تحمل بين سواعدها آمال أمتنا الجريحة لتضعها على شواطئ الوعي والحضارة.
 

وأحسن طبيبها التشخيص ثم أصاب التوصيف حين اختار لها "دواء التدوين" علاجاً لها من سرطان التخلف الذي عشعش في أحشائها، وصال وجال بين جوارحها فحوّلها إلى جسد مهترئ يستنشق فسادا، ويتنفس جهلا وانحطاطا، ويحوي في كل جزء منه مقبرة للعقول تحت عناوين مختلفة.
 

هي البداية إذن لكل من يحمل فكرة جالت في خاطره مرة -بل قل مرات- ثم أراد لها الحياة في وسائل الإعلام المختلفة خاصة المكتوبة منها، فقوبلت بالرفض والوأد قبل ميلادها بسلاح الإعلام الموجه، والرقابة قبل النشر، ومصادرة الرأي المخالف فأصبحت حبيسة بين دفتي كراسة، أسيرة في زنزانة أفكاره، تنتظر تنفيذ حكم الإعدام فيها بموت صاحبها في أي لحظة.
 

هي البداية إذن للتعبير عنها وبعثها للحياة، ومشاركتها النخب والعوام، وعرضها على النقد، وتقبل مخالفها، حتى يشتد عودها وعود كاتبها ليرقى إلى مصاف من تأمل الأمة في إنقاذها من سباتها الطويل.
 

التدوين لم يحظ بتنظيم يبرز فوائده، فكان كمثل المسلحين الكثيري العدد يضربون هنا وهناك ليس لهم قائد ولا خطة فيوجعون دون أن يُغيّروا

لعل من لا يوافقني الرأي يدلي بحجة كم هي قوية في عين من نظر ولم يتأمل -وشتان بين النظر والتأمل- إذ يقول كيف تُعلق كل هاته الآمال على خيط التدوين الرفيع هذا وقد مضى على ظهوره سنون (فأول ما ظهر ظهر بالغرب وتحديدا بأميركا سنة 1994، وأول ما وصل للعرب وصل بعد عقد) وهاهي السنوات قد مرت ولم نر له نتيجة.

وله أقول بل كانت له نتائج عديدة فلقد طفا إلى السطح كثير من الشباب النخبوي معبرا عن رأيه، ومشاركا في بناء نهضته فزلزل حقا أركان المجتمع العربي الذي كان إلى وقت قريب لا يظهر على سطحه إلا كل عقل عفن لا يسبح إلاّ مع التيار الموجه.
 

كما أقول له أيضاً أتأمل في هذه المبادرة خيرا من ناحية شكلية أخرى، وهي أن التدوين لم يحظ بتنظيم يبرز فوائده، فكان كمثل المسلحين الكثيري العدد يضربون هنا وهناك ليس لهم قائد ولا خطة فيوجعون دون أن يُغيّروا، فربما بهذه المبادرة سنجد لهم قائدا ينظم صفوفهم ويوجه خططهم ولا أراه إلاّ "مدونات الجزيرة".
 

فيا قلمي الجريح الذي عانى من موت سريري محتم فغيب وأبعد ولم تتح له الفرص، ها قد مُنحت لك الفرصة ولكل مدون حر، فاغتنمها وشارك في البناء قدر ما تستطيع.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.