شعار قسم مدونات

أردوغان والمصير المحتوم

blog أردوغان

جرت العادة بالنسبة للغرب والولايات المتحدة في دول الشرق الأوسط وبالأخص حينما تكون الأحزاب الإسلامية مرشحة للهيمنة أن لا يتطلب الانقلاب إلا تصريحا بالقبول سواء بالتقرير أو بغض البصر عن عملائها المنقلبين، وبعدها تعطى الشرعية تدريجيا معتمدين بذلك على ذاكرة الشعوب السمكية. إن هذا التقويم الغربي أعيد كتابته بل وتعديله كليا في الحالة التركية وبالضبط تركيا أردوغان.

سيرد في الأذهان أنني أهمل دور جماعة فتح الله غولن في الانقلاب وعمق تغلغلها في الدولة التركية، وهذا الأمر بالنسبة لي ليس سوى أقنعة يرتديها الغرب لتأكيد هيمنته على مصدر القرار في دولنا، فهي بطريقة أو أخرى ممولة أو متحكم فيها من قريب أو من بعيد وذلك حسب الحاجة.

تركيا قد تشهد تسارعا في التخطيط والتنظيم في كل هياكل الدولة لتكفل التناغم اللازم للدفع القوي والسريع لعجلة التنمية إلى أن تصل إلى مصاف الدول القوية في 2030، لكن هذا المصير ستعترضه القوى الكبرى ولن ترضى به بسهولة

لا نستطيع فصل الإجراءات الجذرية المتخذة من طرف أردوغان وحزب العدالة والتنمية، بمباركة شبه كلية من أحزاب المعارضة في سابقة هي الأولى من نوعها عما كان مخططا له بعد محاولة الانقلاب الناعم في 2013، حيث إن آلاف المعتقلين المنتمين إلى التنظيم الموازي لم يُعرف نشاطهم أو شبهة انتمائهم بين ليلة وضحاها ولكن الأمر كان معدا له مسبقا ولو نسبيا.

 

وهنا نقف عند شموخ نظام حكم العدالة والتنمية، إنه نظام مؤمن بإرادة شعبه وتطبيق القانون، فلا يمكن اعتقال أو محاكمة أي فرد بمجرد إنتمائه لجماعة أو تنظيم ما لم يقترف أي جرم يعاقب عليه، أجزم أن آلاف المنتمين إلى التنظيم الموازي من غير القياديين ستتغير نظرتهم تغيرا جذريا عن مفهوم الديمقراطية وحرية التعبير المكفولة لهم منذ وصول الإسلاميين إلى الحكم.

تركيا الدولة الجديدة كما قال رئيسها قد تشهد تسارعا في التخطيط والتنظيم في كل هياكل الدولة لتكفل بذلك التناغم اللازم للدفع القوي والسريع لعجلة التنمية إلى أن تصل إلى مصاف الدول القوية في 2030، لكن هذا المصير سوف تعترضه القوى الكبرى ولن ترضى به بسهولة.
 

هذه المواجهة المقبلة التي من المفروض أن تكون متوقعة من طرف النظام التركي سوف لن تكون بالحدّة التي يمكن للمنظرين أن يعطوها كما لوكانت في زمن غير الزمن الذي نحن فيه بل إنها ستكون لعبة شطرنج الفائز فيها من يستفيد من مواقعه ومن خبرات غيره.

نحن الآن في نظام عالمي متعدد الأقطاب رغم القوة الأميركية الظاهرة، لكن الدول الصاعدة كالهند والصين وغيرها سوف تتيح لمن له القدرة أن يجد مكانا له في طاولة القرار الدولي.

أضن أن سيادة القرار التركي الآن هي في يد الشعب، لكن يستوجب على النظام القائم أن ينتج قيادات تنتهج النموذج الحالي بل وتبدع فيه، لكي لا تنحصر تركيا في أردوغان فقط فهذا خطأ ألفته الأنظمة في دولنا العربية خصوصا والمسلمة عموما منذ قرون.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.