شعار قسم مدونات

القضية الفلسطينية على مذبح الصراع الطائفي

blogs - palestine
لا شك في أن جميع الدول العربية التي اكتوت بنيران الصراع الطائفي قد أصابها ضرر بالغ، لكن بالنظر إلى ظروف القضية الفلسطينية -حيث يوجد احتلال أجنبي مباشر- فإن الكارثة الواقعة على القضية الفلسطينية أكثر فداحة وأبعد مدى.

فكل تراجع على الطرف العربي -هنا- يعني تقدما للطرف الصهيوني. وبينما كانت القضية تواجه سابقا تحديا مباشرا ممثلا بالاحتلال، فقد أضحت الآن تواجه -إضافة لخطر الاحتلال الصهيوني المباشر- تحديات جديدة؛ أبرزها:

القول بأن "التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية سيقود المنطقة إلى الاستقرار" أصبح غير مقنع لكثير من الفاعلين

أولاً: تراجع أهمية القضية الفلسطينية لدى الفاعلين الدوليين والإقليميين والمحليين على حد سواء؛ فالقوى العظمى أصبحت أكثر انشغالاً بقضايا "أكثر تعقيداً" كالصراع في سوريا، التي يقف الملايين من أبنائها على أبواب أوروبا لاجئين يبحثون عن الأمان.

وأضحت هذه الدول منشغلة بمعضلة الإرهاب الذي ازدهر بعد انتكاس الربيع العربي، فأصبح الآلاف من أبناء أوروبا -مثلاً- قنبلة موقوتة تتنظر الانفجار.

لهذه التطورات وغيرها أصبحت النظرية القائلة بأن "التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية سيقود المنطقة إلى الاستقرار" غير مقنعة لكثير من الفاعلين؛ فالمنطقة لا تبدو مقبلة على الاستقرار بغض النظر عن اتجاه الأحداث في فلسطين!

أما القوى الإقليمية الكبرى كإيران وتركيا مثلاً، فقد أدى انخراطها المباشر في الصراعات الجارية في المنطقة، إلى تراجع أولوية القضية الفلسطينية بالنسبة لها بشكل كبير، ولا يقف الأمر عند الجهات الرسمية، بل حتى على المستوى الشعبي، فقد تراجع مستوى التفاعل الجماهيري مع أحداث القضية وتطوراتها بشكل غير مسبوق.

ثانياً: توجه بعض القوى والدول للاستعانة بالكيان الصهيوني وتطبيع العلاقات معه؛ بهدف "كسب دعمه" في المعركة ضد الأطراف الأخرى، ويذكرنا سلوك بعض الدول العربية التي بدأت تتغزل بإسرائيل- سراً وعلانية- بما ارتكبته إيران إبّان حربها على العراق فيما عرف إعلامياً بـ"إيران كونترا". والخلاصة هنا أنه كلما طال الحشد الطائفي وتصاعد أكثر، صارت القابلية لدى كثير من الأنظمة لتطبيع علاقاتها مع الكيان الصهيوني أكبر!

ما يمكن أن تفعله القوى الفلسطينية لجمع صف الأمة أن تصعّد من حدة المقاومة والمواجهة مع المحتل الإسرائيلي
فماذا يمكن أن يفعل الفلسطينيون؟!
في ظل هذا المشهد المعقد تصبح مسؤولية جميع الأطراف مضاعفة لتخفيف الاحتقان الطائفي وإخماد ناره. وأول ما يلزم القوى الفلسطينية فعله في هذا المشهد هو تجنب الانزلاق في المعركة الجارية بالانحياز لطرف على حساب آخر، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

وأسلم سياسة في هذا الحال هي "فليقل خيراً أو ليصمت". وعلى كل حال، فلن يغير انحياز القوى الفلسطينية لأي طرف من أطراف الصراع شيئاً في المشهد، فقد أصبح الصراع ذا أبعاد دولية وإقليمية معقدة، بحيث تعجز حتى القوى العظمى عن إنهائه! وليس من الكياسة الدخول في معركة خاسرة!

ومما يمكن أن تفعله القوى الفلسطينية لجمع صف الأمة أن تصعد من حدة المقاومة والمواجهة مع المحتل الإسرائيلي، بحيث تجمع أبناء الأمة- أو بعضاً منهم- على مواجهة عدو خارجي مشترك، لعل ذلك يصرفهم عن معركة داخلية لن ينتصر فيها أحد!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.