شعار قسم مدونات

تنظيم الدولة العلوية والخليفة الوحش

blogs - hafez
كان هو كل شيء دون استثناء، هو القاضي وهو الجلاد، وهو الوطن ولا وطنية دون رضاه، فكان ورود اسمه في مكان ما أشد وقعاً من اجتماع كل أفرعه الاستخبارية، هو من يقدم شهادات حسن الخنوع، حتى أن أراد أحدهم عبادة الله عز وجل وتلقي العلوم الشرعية فرض عليه الالتحاق بمعاهد الأسد، نعم هو حافظ الأسد "الخليفة الوحش".

عندما أصبح حافظ الأسد، أميراً لتنظيم الدولة العلوية في سورية، عمل على إيجاد قاعدة عسكرية وقاعدة طائفية خارج جبال العلويين في الساحل السوري، بهدف توطيد قواعد التنظيم الجديد، فقام بتطهير الجيش العربي السورية من القيادات الوطنية، واستبدلها بقيادات علوية تدريجياً، ومن ثم أطلق عليه الجيش السوري الباسل، الاسم التجميلي لجيش القاف.

مع عملية تطهير الجيش العربي السوري من المكونات الوطنية، عمل أمير تنظيم الدولة العلوية على إيجاد قاعدة شعبية، فسلك طريق الاستيطان لإيجاد ذلك، ومستملكاً جبال غير العلويين وزرعها بالكتائب العسكرية عوضاً عن حقول القمح والشعير، ومن ثم زرع المستوطنات في سهول كل جبل تم استملاكه، وإجبار بقية مكونات الشعب السوري على التفاعل مع الوافدين الجدد.

إن قابلنا أي مواطن من طائفة أمير تنظيم الدولة العلوية تتلعثم الكلمات تلقائياً، ونحذر كل الحذر من أن تخرج كلمة خارج السطور.

عقب تطهير الجيش العربي السوري وتلويث المكونات الاجتماعية، جاء دور إعادة تأهيل الشعب "ترويضه"، فأطلق العنان للأفرع الأمنية، حتى وصل الحال في غالبية المحافظات السورية، بأن رجل أمن علوي واحد قادر على تسيير أهل مدينة بأكملها نظام منضم، وأن ألقى إبرة خياطة على الأرض لسمع دبيبها، حتى التزمت الأجيال التي عاشت تلك المراحل سياسة "لا سياسة فالحيطان لها آذان".

أما عن كرم وجود عطاء الخليفة "الوحش" فحدث دون حرج، إذ سمح للشعب السوري بالعمل الشاق مع بزوغ ساعات الفجر حتى ساعات متأخرة من الليل لتأمين ربطة خبز للأطفال، أما عن الشباب، فكان حسن كرمه أن يجعل الشاب السوري يعي هذه الدنيا عندما يبلغ الثلاثين، فيتزوج ذاك الشاب في الغرفة المنزلية التي تربى وكبر فيها، وبعد أيام العسل الثلاث يصبح المتزوج كوالده، يركض لتأمين ربطة خبز جديدة ولا جديد يذكر.

بعد ذلك بدأ أمير الدولة العلوية اليافعة، بنشر الأمن والأمان في البلاد، وبهدف ذلك، كان عناصر المخابرات أول من يدخلون المساجد وأخر المغادرين، يراقبون حديث الخطيب، من أن يذل لسانه بكلمة قد تشكل هواجس أمنية ضد أمير الدولة، وعلى أبواب المساجد، تجد كل أفرع المخابرات، فبائع التفاح عنصر بالجوية، وبائع الأحذية يتبع للأمن العسكري، وبائع الفول الجوال ضابط من فرع أمن الدولة، وجميعهم يبيعون الفاكهة ويقدمون تقارير استخباراتية يومية، ومن ثم تخرج القناة الأرضية السورية للحديث بأن أخت أحدهم تعود لمنزلها الساعة الثالثة فجراً من شدة الأمن والأمان؟

في سورية لم نكن على قيد الحياة، بل كنا أموات ولكن حياتنا كانت تقتصر على هرولة وراء رغيف الخبز ليس إلا، لا حلم يتحقق إلا بالمعجزة، هكذا أرادنا أمير الدولة العلوية أن نكون، أما مؤسسات الدولة السورية فكانت لا تختلف عنا مطلقاً، فهي أيضاً تأكل وتشرب وتصفق دوماً، ولماذا لا تصفق؟ فمستخدم التنظيف من طائفة الأمير الدولة العلوية، وكذلك معقب المعاملات، وصولاً للمدير، أما القانون فكان كلمة من يقاقي قانون لوحده بتصرف كامل..

كنا في بلدنا غرباء خائفون، فقد زرع أهلنا الرعب في قلوبنا تجاه هذا الأمير وحاشيته، حتى وصلنا لدرجة إن قابلنا أي مواطن من طائفة أمير تنظيم الدولة العلوية تتلعثم الكلمات تلقائياً، ونحذر كل الحذر من أن تخرج كلمة خارج السطور، ربما كان أهلنا على بعض الحق، فكل واحد من أولئك كان فرع مخابرات متنقل، والمجتهد منا من يوطد علاقته حتى لو مع شرطي مرور، حتى نستعين بالواسطة لنحظى ببعض الأمان.

أمير تنظيم الدولة العلوية، على ما يبدو كان يعتبر النظام الجمهوري مرتداً أو مفحوص، فما كان منه إلا أن بدأ بتجهيز غلامه باسل ليصبح خليفته الأول وتحويل نظام الحكم من جمهوري إلى عائلي، فقام بتعليمه فنون الترويض وزراعة الرعب، وعندما أصبح باسل جاهز مجهز أو على وشك، جاء أمر الله، فمات باسل مرة، وعاش أبو باسل الموت مرات ومرات قبل أن يريح الله عز وجل السوريين منه في عام ألفين ميلادي.

ولكن على ما يبدو كان أمير تنظيم الدولة العلوية عمل جاهداً وهو على فراش الموت والاحتضار بأن لا يذهب مشروع الدولة العلوية هباءً منثورا، ومن هنا بدأ مع حاشيته الضيقة بتلقين الأمير بشار فنون قيادة الدولة العلوية، أما الدستور السوري، فلم يكن أعتى من دستور غوار الذي أكله الحمار..

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.