شعار قسم مدونات

الخطاب الفاشي الديمقراطي

blogs - نتينياهو
في معرض رده على قرار الأمم المتحدة رقم2334 والذي حث على وضع نهاية للمستوطنات "الإسرائيلية" في "الأراضي الفلسطينية"، ونص القرار على مطالبة "إسرائيل" بوقف الاستيطان في الضفة الغربية بما فيها القدس (الشرقية)، وعدم شرعية إنشاء "إسرائيل" للمستوطنات في الأرض المحتلة منذ عام 1967.

وقف رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو أمام مجموعة من جنوده الذين أصيبوا في الحرب الاخيرة على قطاع غزة وألقى خطاباً قد يبدو للوهلة الاولى أنه غريب من نوعه وذلك بسبب استخدام رئيس وزراء (الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط) -كما وصف هو حكومته- لأسلوب خطاب فاشي واستخدامه للغة التهديد المباشر لتلك الدول التي شاركت في التصويت ضد (دولته).
 

اعتبر نتنياهو قرار وقف الإستيطان الأمم المتحدة ليس فقط لا يقرب السلام بل يبعده. وتعدى في تهديداته إلى الأمم المتحدة نفسها التي وصفها بالانحياز ووصف قراراتها بالتخريف.

ولا أقصد هنا ما افتتح به خطابه من رفض ورد للقرار الأممي وإصرار (اسرائيل) على عدم قبوله أو الالتزام به فهذا قد نتفهمه من سياسي يرى أمام عينيه انهيار كل منظومة السياسة الخارجية الخاصة به والتي وعد بها شعبه بقوله: لدينا الآن من التحالفات والأصدقاء في العالم ما يجعلنا أكثر ثقة في قدرتنا على البقاء بل والتحول إلى دولة إقليمية وربما إقليمية كبرى كما كان يمني نفسه وشعبه. لكن المتابع للخطاب لاحظ كيف داس نتنياهو على كل قواعد الدبلوماسية واللياقة السياسية وانطلق يكيل التهديدات والوعيد بحق كل دولة سولت لها نفسها ان تصوت ضد (اسرائيل) وبالذات تلك التي تربطها علاقات دبلوماسية مع الاحتلال.
 

(شمولية ودكتاتورية)
في خطابه استخدم نتنياهو ذات الأسلوب الذي استخدمه كل ديكتاتور أو شمولي قبله الا انه ولأنه رجل الصفقات استخدم مصطلحات من دائرة تخصصه وقال:" كل من (يعمل) معنا سيربح ويكسب وكل من يعمل ضدنا فسيخسر". واعتبر نتنياهو قرار الأمم المتحدة ليس فقط لا يقرب السلام بل يبعده. وتعدى في تهديداته إلى الأمم المتحدة نفسها التي وصفها بالانحياز ووصف قراراتها بالتخريف.
 

(عنجهية)
ومن اللافت في خطابه هو مهاجمة الادارة الامريكية بشكل مباشر والمساواة بينها وبين الامم المتحدة في معاداتها (لدولته) ووصف الرئيس اوباما بانه أكثر عدائية من كارتر الذي -كما وصفه- كان معاديا (لإسرائيل) ولم يوفر جهدا في السعي لاستصدار قرارات ضدها يأتي أوباما ليوجه هذه الضربة المعادية لإسرائيل (لا إسرائيليةAnti-Israel) .) لكنه يعود إلى حالة الانكار ويقول أنه تواصل مع ساسة أمريكيين من كل الطيف السياسي وأكدوا له أنه سئموا تماما من سياسة أوباما وأنه مع وصول ترامب إلى الحكم فسيتغير كل هذا الانحراف العرضي عن الحلف الاستراتيجي بين (اسرائيل) والولايات المتحدة.
 

من يتفاجأ من خطاب نتنياهو هو كل من راهن وأقنع نفسه بأن دولة الاحتلال ديمقراطية وأنها تحترم القانون الدولي وبنى على هذه الفرضيات سياسته في مواجهة الاحتلال.

إلا أن نتنياهو لم يقف عند حد الاخذ بوعود هؤلاء السياسيين لكنه وهو الذي كان محمر الوجه منتفخ الأوداج منذ بداية الخطاب راح يطلق التهديدات ليس بما يملك بل بما تملك الولايات المتحدة فقال موجها حديثه للحضور: "ستدفع الأمم المتحدة ثمنا غاليا ولعلمكم فقط ربع ميزانية الأمم المتحدة تدفعها الولايات المتحدة الأمريكية وليس هذا فقط بل سنوقف ما ندفعه لمؤسسات الأمم المتحدة المعادية لنا وهو مبلغ 30مليون شيكل وسندرس من جديد آلية التعامل معهم ووجودهم هنا.
 

قمة العنجهية كانت عندما وجه تهديداته إلى (أصدقائه) من الدول التي لها علاقات دبلوماسية مع (اسرائيل) وصوتت لصالح القرار حيث لوح بتهديدات اقتصادية وبشكل مفاجئ أصبح ما كان يدعيه الاحتلال بالأمس من مساعدات انسانية ومشاريع عابرة للحدود تنم عن "القيم اليهودية" اتضح أن كل هذه المساعدات انما هي أداة يستخدمها نتنياهو لمعاقبة تلك الدول وأضاف إلى هذا التهديد تهديدا بلغة آمر سجن أو زعيم عصابة بقوله: والقادم أعظم.
 

من يتفاجأ من خطاب نتنياهو هو كل من راهن وأقنع نفسه بأن دولة الاحتلال ديمقراطية وأنها تحترم القانون الدولي وبنى على هذه الفرضيات سياسته في مواجهة الاحتلال فجعل أهم أركان محاربة الاحتلال هي المحافل الدولية والقانون الدولي إلا أن هذا الخطاب قد وضع حدا لهذه الفرضيات حيث ختم نتنياهو خطابه الفاشي بقوله: إلى الأمم المتحدة لن نذهب بعد اليوم ومن أجل تحقيق مصالحنا ثمة طرق أخرى نعرف جيدا كيف نستخدمها.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.