شعار قسم مدونات

2017.. لن تتغيّر سوى الأرقام

blogs - عام جديد
ها نحن ندخل بعامنا الجديد متأملين كل المشاعر والأحلام التي سقطت وتسقط في كل سنةٍ تمضي، الأيامُ تلهثُ مسرعة، وتلهثُ معها الشيخوخة مُفزعة، تَجبُرنا على العيش دون إدراك ودون شعور، نعيش الأسابيع والأشهر والسنين دون تحقيقٍ لليقين، عجباً لهذه السنين الخاطفة، والجارفة، عجباً لسرعتها وبريقِ خِفتها.

 

ذهبت هذه السنة بكل ما فـيها من خلودٍ ومعاني سامية، وعنوانٌ حاضر، ذهبت هذه السنة وتناسـت جراح السائلين وكبرياء المتعاطفين، ذهبت بحلوها ومرها، وأوقاتها الأليمة، ولحظاتها السعيدة، ذهبت متفائلة بتحقيقِ أصحابها آمالهم، وذهبت متشائمة بخيبة أملٍ لأهلها الذين لم يستطيعوا فن الحياة.

 

يقولون كل عامٍ وأنت بخير بحلول العام الجديد، وأنا أقول لهم ما الجديد؟ ما الجديد سوى أرقامٍ تتغير بفعل السنين، وتبقى القلوب سوداء مقفلة.

ذهبت ولم تحقق في تقدير البعض سوى الدمار والخراب والقتل والتشريد، والبعض الآخر له رؤية معاكسة إنها سنهُ خيرٍ وسنهُ سعادةٍ وسنة وفاء، نعم ذهبت السنين وتأتي السنين ولم يتغير سوى التأريخ!، سوى التأريخ الأليم الذي يشهده " المسلمون وغيرهم ".

 

نترقب السنين بالوفاء والتفاؤل ولم يحصل مثل ما كتبت وكتبه السابقون، يقولون كل عامٍ وأنت بخير بحلول العام الجديد، وأنا أقول لهم ما الجديد؟ ما الجديد سوى أرقامٍ تتغير بفعل السنين، وتبقى القلوب سوداء مقفلة. نُكذّب الكذبة ونحاول تصديقها بشتى الوسائل، وبطريقةٍ من الطرق لنتماشى مع عواطفنا وأحلامنا، لا نملك الحلول لنخرج من مستنقعات الحياة، بل نترك القدر هو الذي يبسط أفعاله متى شاء لأنه يملك مفاتيح الحلول.

 

وهنا أسئلة كثيرة تدور في فكري، وتبحر في عالمي، وتعمق في وجداني، وتجول في حاضري، ماذا قدمـنا نحـن في السنين السابـقة لنقدمَ في التالية؟ ماذا وجدنـا لأنفسـنا؟ وماذا أعطـينا ومـاذا أخذنا؟ مـاذا قدمـنا لله ورسـوله؟ ومـاذا حققـنا " لديـنـنا " الذي هو عصمة ُ أمرنا؟! هل ستـكون سنـةُ خيرٍ بالفعل أم إنها حبرٌ على ورق؟ هل ستكون سنة سعادةٍ أم إنها سنة " اختلاط الدمِ مع رائحة البارود" مثل رفيقاتها السابقات؟ !!هل ستـكون مثل أخواتـها؟ أم أنها ولادةٌ نادرة تحقق إرادتـها بعزيمةٍ ووفاء؟ هل ستتـخذ ُ مساراً تاريخياً لها وتعمـق في سجلات المستقبل؟ أم تنام في ضمائر ِ الحكامِ وعيون الخونة؟ هل ستجني ثمـاراً بعزيـمةِ الأبطالِ والرجال؟ أم إنها ستبكي قهراً لوقتها الضائع؟!

 

لا نعلم ماذا ستخفي لنا السنين المقبلة، وماذا ستجني لنا الأعوام المطلة، وماذا سـتكون لنا أوقاتـنا القادمة، بل نعلم بشيءٍ واحد، شيء يغير موازين الحياة، ويسطر أحلام الطغاة، ويرميها في الممات، ألا وهو " القدر".

كثُـرت الأسـئلة وعَـجزت الأحـرف والأقـلام !، انزعجت علامات التعجب وغضبت علامات الاستفهام!، وأصـبح الحديث يدور في الأحلام!، أحلامٌ ما بعدها أحـلام، يأخذها البعض والبعـض يتـركها في المـنام !، والـناس غارقٌ في حالـها ولا تـعلم ماذا يخـفي السرُ في الظلام!، الماء يجري من تحتها وهي سارحةٌ في الأوهام!، يترقبون السنين بقلـبٍ أبـيض لكن ّ تأبى السنين وتخدعهم بتحقيق السلام!، يقولون نحن عباد الله المسلمون، فهل حققنا شيئاً للإسلام؟! وتلك الأيام نداولها بين الناس فحقاً أيامـنا تجري جريَ الأعوام.

 

لا نعلم، لا ندري، لا ندرك، ماذا ستخفي لنا السنين المقبلة، وماذا ستجني لنا الأعوام المطـلة، وماذا سـتكون لنا أوقـاتـنا القادمـة، بل نعلم بشيءٍ واحد، شيء يغير موازين الحياة، ويسطر أحلام الطغاة، ويرميها في الممات، ألا وهو " القدر" الذي رسم طريقَ حكمةِ بين أركان الأيمان وفرض قوتهِ للإنسان وجعلها حكراً للرّحْمن، نعم القدر لكن.. إلى أين؟ هذا ما سنعـيشه في الأيام المـقبلة، وفـوق كل هذا تـبقى رحـمة البـاري عز وجـل هي حـجر الزاويـة في كـلِ حـدبٍ وصـوب.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.