شعار قسم مدونات

وطني الضائع

blogs - Students
انتابتني موجة من الضحك عندما علمت بخروج مصر من التصنيف العالمي للتعليم، لا أكذبكم القول أني لم أعلم كيف كانت مدرجة من الأساس، خاصة بعد اصطدامي بالتعليم الجامعي المصري هذا العام، ولكن تزامن هذا الخبر مع تصريح رئيس الجمهورية بعدم جدوى التعليم في وطن ضائع جعلني أشعر وكأن حياتي كلها مزحة لدى أحدهم.
 
أعزائي القائمين على التعليم المصري: أنا واحدة من ملايين الشباب الذين قضوا اثنتي عشرة سنة من أعمارهم في نظام تعليمكم الأساسي، اثنتي عشرة سنة ونحن نحاول التغلب على حشو مناهجكم وانعدام التطبيق فيها أملا في الالتحاق بتخصص جامعي يرضي فضولنا لمعرفة ما أخفيتموه وراء سطور كتبكم العقيمة، وما تعمدتم إخفاءه عن أذهاننا. اثنتي عشرة سنة صبرنا عليها إما أملا في عيش حياة كريمة في وطننا أو فرارا منه.

خرجنا من براثين التعليم الأساسي لنصطدم بخيارتانا الجامعية المحددة في مجتمع أرهقتموه اقتصاديا حتى أصبح شغله الشاغل أسعار البقوليات. ماتت أصول الثقافة وأصبحت رفاهية يتمتع بها من قرر التنازل عن مأكله وملبسه مضحيا بنقوده للكتب، وأصبح الفن مرادفًا آخر للمجون تعبر عنه أفلام سينمائية فاشلة لا تجدي نفعًا إلا تذكير الناس بمأساتهم الدائمة في استقطاب العيش النافر منهم على الدوام.

أقصد إرهابكم الفكري الذي طال ألسنتنا فأخرها عن قول آرائها وطال أحلامنا فتأثرت بتعويم الجنيه وارتفاع الدولار. إن لم تكن راضياً عن وجودنا فيك فاتركنا نغادرك بسلام.

قلتم لي كوني ناجحة في أي مجال، ولكنكم لم توضحوا لي أن النجاح لديكم هو الطاعه العمياء، أنتم تنبذون الصحافة والمحاماه وكأنه لا كلمة حق إلا كلمتكم، ولا رأي صواب إلا رأيكم.

لم توضحوا لي أنكم أذللتم المعلم فأصبح كمتعهدي الضرائب في عهد محمد علي. ولم توضحوا أنكم أذللتم الطبيب فأصبح الطب تجارة يتبارى فيها أشباه الأطباء على إقناع المرضى بفاعلية الدواء أو تحطيم الرقم القياسي في عدد العمليات.

إن مبدأ النجاح عندكم الذي دعمتموه ماليا واجتماعيا قد جعل أحلام الأسر أن يكون أبناؤها ملتحقين بالجيش والشرطة فقط، حتى ولو كانوا فاسدين، وكأننا خرجنا لتونا من رواية رد قلبي.

أعزائي أصحاب الشأن فى مصر: إذا كنتم ترون التعليم رفاهية لا حق لنا فيها وسط الأزمات الحالية، فما هي خطتكم لانتشال اقتصاد بلادنا من الوحل؟ ما هي خطتكم لتعزيز حقوق المرأة؟ ما هي خطتكم للقضاء أو على الأقل التخفيف من وطأه فيروس سي؟

هل هناك أي خطوة من جانبكم للقضاء على الإرهاب الذي سببتموه؟ لا أقصد التكلم عن الإرهاب الذي تملأون به فضائياتكم وتختبئون وراء جدرانه الواهية بعد كل حادثة انفلات أمني أو قتل للجنود على الحدود، وإنما أقصد إرهابكم الفكري الذي طال ألسنتنا فأخرها عن قول آرائها وطال أحلامنا فتأثرت بتعويم الجنيه وارتفاع الدولار. إن لم تكن راضياً عن وجودنا فيك فاتركنا نغادرك بسلام.
لطفًا، ارفق بنا يا وطني!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.