شعار قسم مدونات

جمهورية الجيش العسكرية.. مصر العربية سابقاً!

blog السيسي

لا يكاد يمر أسبوع حتى يعلن الجيش المصري دخوله في تجارة أو صناعة أحد السلع الغذائية أو الصناعية ومنافسة التاجر أو المستثمر المحلي فيها بدعوى محاربة الغلاء وجشع التجار.. فنجد الجيش مؤخراً يبيع السكر للمواطنيين ومن قبلها يبيع ألبان الأطفال وغير ذلك من السلع التجارية التي لا علاقة لها بقريب أو بعيد بالهدف الأساسي الذي أنشئ الجيش من أجله!

المشكلة الكبرى لا تكمن في مجرد بيعهم لهذه المنتجات للمواطنيين، المشكلة تكمن في أن الجيش يستغل سلطاته وامتيازاته لتسهيل تجارته والقضاء على صغار التجار فنجد مثلاً قانون تنظيم الإعفاءات الجمركية المصري الصادر بالقانون رقم 186 لسنة 1986 ينص على إعفاء ما تستورده وزارة الدفاع والشركات والوحدات والهيئات التابعة لوزارة الإنتاج الحربي من الجمارك.

يجب على القوات المسلحة الابتعاد عن الاقتصاد والانشغال بالقضاء على الإرهاب الذي يقضي على الجنود يومياً في سيناء بسبب العبث والتخبط في مواجهة الإرهابيين.

وبالتالي عندما يستورد الجيش سلعة معينة كالسكر مثلا نجده لا يتحمل سوى تكلفة المنتج على عكس المستورد المحلي الذي يتحمل تكلفة المنتج والجمارك الخاصة بها ورسوم النقل والتخزين وغير ذلك، وبالتالي نجد الجيش قادر على خفض السعر ورفعه كيفما يريد على عكس التاجر الذي يكون ملتزماً بحد أدنى للسعر حتى يستطيع جني أرباح ومواصلة تجارته.

يعتمد الجيش في خطته للسيطرة على السوق التجاري في مصر على سياسة تعطيش السوق وخلق أزمة للمواطنين، ثم يظهر هو بدور المٌخَلص الذي يقدم خدمات للمواطنين وينقذهم من جشع التجار كما يدعي .

فمثلاً في أزمة السكر الأخيرة وما سبقها من أزمة في ألبان الأطفال نجد أنه ودون أي مقدمات اختفى السكر من الأسواق وأصبح من يمتلك السكر كأنه يمتلك كنز عظيمـ وشرعت أجهزة الأمن في اعتقال كل من يحمل السكر وتتهمه باحتكار السكر وتخزينه -وقد حدث ذلك أكثر من مرة- وأغلقت بعص المصانع التي تعتمد في إنتاجها على السكر وصادرت مخزونها منه وتوقف إنتاج هذه المصانع لفترة..

ثم بعد ذلك بأيام قليلة ظهرت العربات التابعة للقوات المسلحة في الشوارع تبيع السكر للمواطنين بضعف ثمنه السابق أوأكثر وبالتالي نجحت خطتهم وأصبحت القوات المسلحة هي من يتحكم في تجارة السكر في البلاد!

وجه آخر من أوجه سيطرة الجيش على الاقتصاد وهي مشاريع البنية التحتية. فالطبيعي أن تقوم الحكومة بمناقصة بين الشركات المتقدمة لإنجاز المشروع، وتقوم الشركة التي حصلت على المناقصة بإنجاز هذا المشروع مقابل مبلغ معين تحصل عليه من الحكومة.

 أما يحدث حاليا فهو نموذج للفساد وإهدار المال العام حيث تقوم الحكومة بإسناد هذه المشاريع للهيئة الهندسية التابعة للقوات المسلحة دون عمل أي مناقصة استغلالا لقانون المناقصات والمزايدات الذي أصدره عدلي منصور الذي يسمح بذلك، وتقوم الحكومة بدفع مبلغ كبير للهيئة الهندسية مقابل هذا المشروع يذهب إلى ميزانية الجيش الخاصة في حين أن بعض الشركات قد تقوم بتنفيذ هذا المشروع بنفس الجودة أو أعلى مقابل مبلغ أقل من المال!

لن ينصلح حال البلاد سوى بإبتعاد العسكر عن الحياة السياسية والإقتصادية وإنشغاله بالدور الأساسي الذي وكل إليه وهو الدفاع عن الوطن.

مثل هذه القرارات تؤدي ببعض الشركات إلى الإفلاس بسبب سيطرة القوات المسلحة على كل المشاريع دون وجه حق، فلماذا لا تسند الحكومة هذه المشاريع إلى شركة كبرى مثل شركة "المقاولون العرب" الشركة العريقة التي تمتد مشاريعها إلى قلب أفريقيا. بالتأكيد شركة كبرى مثلها لا تفتقد إلى الخبرة والكفاءة المطلوبة.

يجب على القوات المسلحة الابتعاد عن الاقتصاد والانشغال بالقضاء على الإرهاب الذي يقضي على الجنود يومياً في سيناء بسبب العبث والتخبط في مواجهة الإرهابيين. ويجب أيضاً الانشغال بتدريب الجنود وتسليحهم بأحدث الأسلحة بدلاً من تدريبهم على كيفية البيع للمواطنين في الشوارع أو العمل في المزارع الخاصة بالجيش.

لن ينصلح حال البلاد سوى بابتعاد العسكر عن الحياة السياسية والاقتصادية وانشغاله بالدور الأساسي الذي وُكّل إليه وهو الدفاع عن الوطن.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.