شعار قسم مدونات

دروس الثلاثة آلاف سنة الأخيرة

blogs - Historic books
دائماً ما تمتلئ القهوة بالأحاديث المتبادلة والنقاشات والجدالات في المواضيع المشتعلة في الشارع، وفي بعض الأحيان نصل إلى نقطة معينة أو رأي ما. "الذي لا يعرف أن يتعلم دروس الثلاثة آلاف سنة الأخيرة، يبقي في العتمة" جوته.

ونحنُ لا نتعلم دروسنا جيداً، نتلقاها ثم تُحفظ في أدراج المكتب ولا نلقي لها بالا، لذلك كانت العتمة مكاناً لنا كما قال جوته، والثلاثة آلاف سنة الأخيرة كانت محملة بدروس كثيرة على الأقل بالنسبة للعرب أو دول الشرق الأوسط.

وغيرنا عمل على تعلم هذه الدروس جيداً وفهم لغزها وطوعها، مما جعلها مساعداً لعبور سنواته الباقية، أما نحن تُلقى الدروس علينا ولا نتعلم. من الممكن بل هذا أكيد أن من يحكمون العالم ويفرضون سيطرتهم عليه انغمسوا في تعلم دروس الثلاثة آلاف سنة الأخيرة وفك رموزها المعقدة، لذا غادروا عصور الظلام وما تلاها من تخلف ليدخلوا حقبة التنوير والنهضة، ومن ثم يكون الحكم لهم.

إلى متى سنظل نغني على الأنقاض والأطلال ونبكي حالنا، بالطبع حالنا هذا يحتاج لثورة وتكميم الشباب وإخفاءه يزيد الحال سوءا، ويقرب من الثورة سريعاً، لا أنا من يقول هذا، بل الثلاثة آلاف سنة هي من تقول إن حكم الديكتاتور وأنظمته الفاشية المستبدة، وعقوله المنزعة من أماكنها وموضوع مكانها آلة قتل وهلاك؛ سوف يأتي الوقت التي ترحل فيه وتحاسب أيضاً.

لكن مع اقتراب هذا الوقت، يجب علينا أن نُخرج من الدرج ونرجع بذاكرتنا قليلاً، ولنذهب في رحلة مع دروس الثلاثة آلاف سنة الأخيره بكل تفاصيلها وكل عصر مر علينا ونتعلم فلا سبيل إلا بالتعلم. وبالنسبة للثورات فسوف تجد في تلك الدروس ثورات وثورات، ولا خاب من استشار ومستشارنا في هذا الأمر والحال المرثي له هو دروس الثلاثة آلاف سنة الأخيرة وتعقيداتها.

لا هناك أحد يولد كبيراً، ولا أيضاً هناك من يتكلم عند ولادته، لكن بمرور الوقت تتعلم الكلام ثم تجد نفسك تتحدث، ويوما يوما تجد نفسك تكبر.

ما أكثر النكبات التي حلت بنا، وما أكثر المعرضين عن النكبات والانغماس في حياتهم الممتلئة بالمشاكل.

ماركس وأحلام سيجموند فرويد وسفينة داروين وما تحمله من جينات، فلسفة القرون الوسطى والصراع بين المسيحية والفلسفة، سقراط وأفلاطون وأرسطو، كل هذا لا ينبغي أن يمر عليك مرور الكرام أو تأتي الدنيا وترحل ولا تعرف شيئاً عنهم.

"قول القائل إن عليك نسيان الأمس وتذكر اليوم خطأ كبير، لأنه بدون الأمس لن يأتي اليوم، وبدون اليوم لن يأتي الغد وهكذا". وكيف يصبح لي مستقبل وأنا مشرد بدون ماضي، الثورة يلزمها الوعي حتى لا يتكرر ما حدث في الماضي، ويأتي شخص بدون عقل ويهلكنا جميعاً.

لا سبيل إلا بالتعلم وما أكثر النكبات التي حلت بنا، وما أكثر المعرضين عن النكبات والانغماس في حياتهم الممتلئة بالمشاكل، مع أنهم لو تفكروا قليلاً لوجدوا أن المشكلات لن تحل إلا إذا نظرنا نحو المشاكل الأكبر.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.