شعار قسم مدونات

أيها الخليج: احذر القيامة بعد سقوط حلب

blogs- إيران

بينما الروس والإيرانيون في غمرة فرحة وسكرة الانتصار فقد يقومون بحماقة تاريخية من خلال جمع جميع الثوار في إدلب ومن ثم تدمير إدلب بأقوى أنواع الصواريخ؛ هذا في حالة أنهم لم يفقدوا عقولهم ويقرروا رمي إدلب بقنبلة نووية.
 

الخطوة التالية ستكون الإجهاز على ما تبقى من الثورة السورية ومن ثم إنهاء معركة الموصل بتهجير أهلها لشمال العراق نحو الحدود التركية العراقية؛ من أجل أن تحتويهم تركيا -وليس لها خيار إلا أن تفعل- وهو ما من شأنه ضخ المزيد من المشاكل الأمنية والاقتصادية لتركيا على المدى القريب والبعيد.
 

أمريكا بوجود إدارة ترمب لن تتدخل لإنقاذ دول الخليج إلا باستنزاف لجميع احتياطيات دول الخليج وتعهدات خليجية برهن خمسين في المئة من الإنتاج النفطي.

ما سيحدث بعد ذلك هو قيامة كبرى للمشروع الإيراني ومن ثم الوصول لمرحلة نشوة انتصار غير مسبوقة ستلتهم ما تبقى من عقول الروس والإيرانيين حينها سيكون اللعب على المكشوف تماماً ولن تتوانى إيران من البدء بسرعة غير مسبوقة بعمل كماشة جيوسياسية قوية من الجهات الجغرافية الثلاث -على أقل تقدير- ضد منطقة الخليج العربي. حيث سترسل إيران بترسانة هائلة من الأسلحة للشمال اليمني حيث يسيطر الحوثيون وترسانة مثلها للجنوب العراقي حيث الأغلبية الشيعية الموالية لإيران؛ وعندها ستجتمع جميع المليشيات الموالية لإيران في سوريا والعراق في تلك المنطقة. ومن جهتها؛ ستحشد إيران جيشها وستضعه في حالة استعداد قصوى على شواطئ إيران الغربية.
 

أي أن الخليج العربي سيكون محاصراً من الجهات الجغرافية الثلاثة -على أقل تقدير- من الشمال -المليشيات الشيعية التي جندتها إيران والتي تحارب الآن في كل من سوريا والعراق-. ومن الجنوب المليشيات الحوثية وقوات المخلوع علي صالح. ومن الغرب إيران نفسها.

إيران ستهاجم من هذه الجهات الثلاثة -على أقل تقدير- في نفس الوقت لتشتيت القدرات الدفاعية لدول الخليج العربي ولتشتيت التركيز العسكري لهذه الدول. حينها لن يلحق بالخليج لاحق لأن الهجوم المفاجئ والسريع ومن جهات مختلفة وفي نفس الوقت يشتت التركيز الدفاعي بالكامل.
 

أمريكا بوجود إدارة ترمب لن تتدخل لإنقاذ دول الخليج إلا باستنزاف كامل لجميع احتياطيات دول الخليج العربي وتعهدات خليجية برهن خمسين في المئة من الإنتاج النفطي لهذه الدول للخمسين سنة القادمة كما هي تصريحات ترمب نفسه التي دائماً ما يكررها بكل جرأة.

الوضع سوداوي للغاية وربما أسوء مما يبدو عليه التحليل السابق. وقد يعتبر البعض هذا التحليل مبالغاً فيه، ولكن من يعتقد ذلك لا يستطيع أن يفسر كيف تم السيطرة على خمس عواصم عربية "المحمرة، بيروت، بغداد، دمشق، وصنعاء" أربع منها تمت السيطرة عليه في الخمس سنوات الماضية فقط.
 

في حين أن هناك تردد كبير في الخليج العربي من المبادرة للحسم العسكري في سوريا واليمن والتفكير وإمعان التفكير بردة فعل العالم على المبادرات الخليجية. هذا غير الخلاف الداخلي الخليجي على مسألة الاتحاد بدلاُ من التعاون والاختلاف في وجهات النظر بخصوص جماعة الإخوان "التي تحارب الحوثيين في اليمن برياً نيابة عن أهل الخليج عبر حزب الإصلاح اليمني".
 

إذا لم يتم تزويد المقاومة الشعبية في اليمن بالسلاح فإنه للأسف الشديد سيكون الحسم من صالح الحوثيين والمخلوع. لأن إيران لن تتردد في جعل الحسم العسكري في صالحها.

هذا التردد الكبير تجلى في تصريح لوزير الخارجية اليمني في برنامج بلا حدود قبل أسابيع على قناة الجزيرة حيث سأله المذيع عن التسليح للمقاومة اليمنية؛ حاول الوزير أن يكون دبلوماسياً قليلاً ولكن المذيع أعاد عليه السؤال عن سبب تأخر الحسم العسكري في اليمن فقال بسبب قل السلاح؛ فسأله المذيع عن ما إذا كانت دول التحالف العربي في اليمن تدعم بالسلاح فقال "أن الدعم موجود ولكنه قليل؛ واضطرت المقاومة اليمنية أن تحارب الانقلابين -بأسلحتها الشخصية-" على لسان الوزير عبدالملك المخلافي في نفس المقابلة.
 

يا للهول! ألهذه الدرجة وصلت حال المقاومة الشعبية في اليمن؟ إذن ماذا يفعل القيادي في حزب الإصلاح إذا أتاه الجنود للشكوى من قلة السلاح؛ ماذا من المفترض أن يرد عليهم؟ هل من الممكن أن يقول لهم: "اعذروني يا أخوة فنحن مصنفون على أننا جماعة إرهابية في دول الخليج العربي ونفس هذه الدول تتعامل معنا ولكن بحساسية وتعطينا السلاح القليل لكي نحارب نيابة عنها ولحماية مقدراتها برياً ضد جماعة الحوثي؛ ولكن ماذا أفعل؟ نحن للأسف الشديد من جماعة الإخوان".
 

النجاة من هذا السناريو:
يجب التخلص من هذه اللعنة التي أصابتنا المسماة بوهم الإخوان المسلمين؛ إذا كانت بعض الأجنحة في الخليج العربي ترى منها تهديداً لأنظمة الحكم أو أن الجماعة تسعى للحكم في الخليج؛ أحضروا مرشد الإخوان من السجن واجعلوه يقسم على القرآن بالأيمان المغلظة بقول الصدق واسألوه: هل تسعى جماعتك للحكم في الخليج؟ وعلى أساس الإجابة تعاملوا مع الجماعة؛ لا أن يكون الحكم عليها مبنياً على تحذيرات عبدالناصر أو الرئيس السيسي.
 

إذا لم يتم تزويد المقاومة الشعبية في اليمن بالسلاح فإنه للأسف الشديد سيكون الحسم من صالح الحوثيين والمخلوع. لأن إيران لن تتردد في جعل الحسم العسكري في صالحها. يجب الحسم فوراً في اليمن بالتسليح الفوري للمقاومة والجيش الشرعيين. وإلا فإن الحسم سيكون لإيران إن تأخر الحسم الخليجي هناك.
 

اتفاقية دفاع مشترك هو بالضبط ما قامت به دولة قطر مع تركيا؛ بحيث يعتبر الاعتداء على تركيا هو اعتداء على قطر والاعتداء على قطر هو اعتداء على تركيا.

إذا تم انتظار ما سيحدث في سوريا بدون أن ينقذ الخليج وتركيا ما تبقى من الثورة السورية فلننتظر الحسم العسكري هناك قريباً جداً، بعدها مباشرة ستطالعنا شاشات الأخبار بخبر سقوط الموصل تماماً وتهجير سكانها من السنة لتتغير الديموغرافية هناك، ومن ثم البدء الفوري بمحاربة الخليج العربي من قبل إيران وحلفاءها. لذا ففوراً يجب تقديم مضادات الطيران للمعارضة السورية المسلحة لإنهاء مهزلة إيران وروسيا في سوريا.
 

تخيل معي عزيزي القارئ لو كانت دول الخليج العربي عضواً في حلف شمال الأطلسي الناتو هل ستتجرأ إيران أو روسيا على مسها؟ بالطبع لا. هناك طريقة سهلة تجعل من دول الخليج عضواً في الناتو بشكل غير مباشر؛ وهي توقيع اتفاقية دفاع مشترك كامل واستراتيجي مع تركيا مع وجود قواعد عسكرية تركية كبيرة في الأربع جهات الجغرافية للخليج العربي.
 

واتفاقية دفاع مشترك هو بالضبط ما قامت به دولة قطر مع تركيا؛ بحيث يعتبر الاعتداء على تركيا هو اعتداء على قطر والاعتداء على قطر هو اعتداء على تركيا. ويحق للدولة الثانية في الاتفاقية الدفاع عن الدولة الأولى ونشر قوات دفاع عسكرية على كامل قٌطر الدولة المعتدى عليها.
 

بمعنى أدق أنه لو حاولت إيران مجرد الاقتراب من قطر فأنها ستكون في مواجهة مباشرة مع تركيا. ولو أرادت تركيا أن تجعل الناتو كله يحارب إيران لفعلت بإن تطلق صاروخاً وهمياً تدعي أن مصدره إيران. حينها فدول الناتو كلها مجتمعة ستكون مضطرة للدفاع عن قطر في المحصلة النهائية. فدولة قطر أستطيع اعتبارها عضو غير مباشر في حلف الناتو. هذا الحلف الذي يجعل روسيا لا تنام الليل. يا دول الخليج كوني عضواً في الناتو بالتحالف الكامل مع ثاني أقوى جيش فيه "الجيش التركي".

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.