شعار قسم مدونات

ليس ضعفا أمنيا بل فوضى الفكر المتطرف

BLOGS- التفجير الفردي

نحن في مرحلة لا يصلح بها إطلاق الأحكام وتناقل أصابع الاتهام بين "تقصير أمني" أو "خيانة أفراد" القضية أخطر وأكبر من ذلك.

منظومة "الذئاب المنفردة" قد تُخلق من محيطها دون تغذية مباشرة، فلا أعلم لماذا لا يتكلم المحللون عن "تلوث الفكر" أو اعتناقه من خلال البيئة المحيطة والضغوطات النفسية والوضع الاقتصادي والحروب والدماء والسقوط المتتالي للعروبة ومدى خطورة اتساع رقعته الشعبية؟ وحقيقة تواجده على الأرض؟ فأين هم عن الحديث عن هذه الظاهرة؟
 

والأهم سهولة الوصول إلى "الفضاء الإلكتروني" الذي أصبح خير وسيلة لمعرفة كيفية عمل قنبلة أو تخطيط لعملية أو التواصل مع تجار الأسلحة أو تنسيب "الذئب المنفرد" لجماعة ما؟!
 

بدأنا نفقد الثقة بمن حولنا وغيرنا الكثير بدأ يؤمن بمنظومة الإرهاب ويتبعها دون تردد ويُعلق انتماءه على شماعة التخاذل العربي علماً أن معظمهم يتبعون صوت غيظهم وحقدهم على حكومات دولهم.

ومع ضياع الهوية والانتماء وتبرير الغضب بـ "الجهاد" الذي يعتبرون أنفسهم من خلاله قد حققوا النصر والشهادة فلا أعلم كيف تستطيع أي قوى أمنية بالعالم أجمع مهما كانت قوتها وحنكتها واستعدادها وحذرها السيطرة على العقول التي تختبئ خلف الأبواب المُغلقة؟! وكأننا نقول لهم اعتقلوا الشعوب جميعها وضعوهم في غربال "الوطن" وانخلوا الشراذم وأبقوا على الرجال الرجال؟!
 

تركيا ، مصر ، تونس ، ليبيا ، العراق ، الأردن، سوريا، فلسطين الجريحة ، وما تبقى من الدول العربية والغربية التي ظهرت بها نماذج الذئاب المنفردة، جميعها تتلاقى في ذات الحيز الملوث "التطرف باسم الإسلام" وقد نعزي تلك الظاهرة التي أصبحت أشد قلقاً من الحرب المباشرة والواضحة إلى الأنظمة العربية المتطرفة التي أيقظت المقت واليأس في قلوبهم .
 

والحل ليس بمتناول اليد ولا تملك الحكومات المتبقية إلا المراهنة على القابضين على دينهم الحقيقي وتراب أوطانهم في صد عدوان أولئك المغيبون قسراً أو طوعاً عن حقيقة أفعالهم الإجرامية.
 

جميع الدول التي تتعرض لعمليات منفردة يجب أن تراجع سياساتها وتتيقظ "للأزرار المفخخة" التي تنتظر خطوة استفزازية لتنفجر بوجه الحكومات المحتفلة أو المضيفة أو المجددة للعلاقات أو الموقعة للاتفاقيات، فهذا هو لسان حال تبريرهم في التقدم نحو أي جهة يرونها تخاذلت وصمت آذانها عن نداء العرب الذبيح في بلاد الله، وخير دليل على ذلك قتل السفير الروسي في تركيا وتبرير اغتياله من مُطلق النار لأجل نصرة أهل سوريا، والأردن والعمليات التي تستهدف زعزعة منظومة الأمان والثقة الممنوحة للجهاز الأمني الأردني، ومصر واستهداف الكاتدرائية والكثير من النماذج العربية.
 

فلا أعلم هل سيتمكن الجسد العربي أن يتدارك الخطر الذي يتمدد في عقر دارهِ؟ ما الحل؟
سؤالٌ ساذج في وقتٍ جل ما نتمناه أن نتأكد من حُسن انتماء جارنا أو أحد أفراد أهلنا، حيث أننا بدأنا نفقد الثقة بمن حولنا وغيرنا الكثير بدأ يؤمن بمنظومة الإرهاب ويتبعها دون تردد ويُعلق انتماءه على شماعة التخاذل العربي علماً أن معظمهم يتبعون صوت غيظهم وحقدهم على حكومات دولهم.
 

وإذا كانت الحكومات تتأمل بالباقيات الصالحات من الأفراد فنحن كذلك أيضاً ولكن إلى متى؟ أعتقد أننا بحاجة إلى موقف حقيقي يُثلج القلب من الدول العربية لدحر هذا الفكر وتقزيمه وتعرية أهدافه أمام اللاحقون التابعون له. فهل هذا الأمر عصي على التحقيق؟

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.