شعار قسم مدونات

إلى متى؟

blogs - ware
إلى متى سنرضى بالحال رغم فشله؟ إلى متى سنعظم السلاطين ونتبع طقوس عبادتهم رغم سلب حقوقنا الشرعية؟ إلى متى سنصدق خطاباتهم؟ ألم يحن الوقت اليوم لأخذ عبرة من التاريخ الدموي والحاضر المؤلم؟ إلى متى سننتظر دول الخارج لحل مشاكلنا المحلية وخلافتنا الحزبية؟

 

كم هو محزن أن أرى المثقفين في السجون والرُعْن على الأرائك، وأمام ناظرينا يسلبون حقوقنا ولا يعطونا حتى القليل، هذا هو الحال منذ زمن الذي تفاقم تدريجياً بسبب صمتنا ورضانا بالواقع المقيت حتى إذا ما فاء الى حاضرنا واستفاق الناس من غيبوبتهم ليروا العالم الحر من حولهم في مختلف البقاع ويعاينوا جرائم العبودية الكامنة التي حولت المدنيين لآلات ومؤشرات دخل قومي، ليردوا ثائرين منتفضين رافضين سلب نعمة الحرية، وبالمقابل اذاقوهم طعم الوحشية والبربرة والعنصرية علناً.

 

كل هذا قد حصل بسبب صمتنا الذي أتاح الفرصة لذوي النفوذ بوضع الغشاء على أعيننا حتى إذا ما مر علينا الزمن أصبحت الصور المدمية جزءاً عادياً من الروتين اليومي.

اذا ما نظرنا اليوم حولنا في جميع المحاور لنشعر بدهشة واستغراب، هذه المنطقة نفسها التي كانت في حقبة زمنية سابقة مزدهرة وحضارية، اليوم يغلب على ناسها وسلاطينها الفساد والرياء والرشوات، تنظر الى معالمها كلها حطام وركام لتعرف مدى طغيان الانسان الذي حول الارض التي خلقها الله متاعاً لنا الى دار عذاب ذات طبقتين: طبقة ذات نفوذ وسيطرة وطبقة مؤطرة بخيارات ذوي النفوذ: فإما القبول أو الخضوع لا ثالث لهما، ولو قرر صاحب العقل النَيِّر السير في طريقه الحر وكان ذو تأثير يوقظ الناس من غفلتهم عن التجبر وسلب الحقوق الشرعية، للقي صفعة تردي به لجنان الرحمن العادل.

 

كل هذا قد حصل بسبب صمتنا الذي اتاح الفرصة لذوي النفوذ بوضع الغشاء على أعيننا حتى إذا ما مر علينا الزمن أصبحت الصور المدمية جزءاً عادياً من الروتين اليومي: رأينا الطفل الذي هشم ركام منزله عظامه اللينة بعدما كان يظن أنه سوف يحميه، وأخر فقد لون الحياة عندما لم يستطع اباه المحافظة على قدمه التي بترت بعدما قصفوا مدرسته وقتلوا أخاه، ولم نشغل بالنا بصورة الفتاه التي تداخل جلدها الجاف مع عظمها الهش، لماذا قد يتغير شيئاً اليوم؟

 

إن الله أعطانا حرية اختيار الطريق الأخطر الذي سيحدد مصيرنا الأبدي، فلا حرج علينا على الأقل أن نختار من سيمثلنا ويحفظ لنا أمننا وينقل حضارتنا للمستوى الأعلى.

فنحن كنا وما زلنا نتنازع ونفكك الوحدة الوطنية، مبعثرين الافكار نتخبط، ننظر للصورة من بعد واحد، نسمع الآراء نفسها بأفواه مختلفة عن القضية المطروحة من منظور واحد، بينما كانوا وامام مقلاتنا يزودون النار بالوقود وينهشون أعمدة اساسنا بشراهة موسعين نفوذهم، ماذا كان ردنا؟ جالسين على الارائك ننهم المثلجات لنبرد قلوبنا ونخفف عن أنفسنا بعد ان بكينا من شدة المشهد. لم نفكر حتى بالمحاولة بتوسيع زاوية النظر، فربع الصورة كافي لتسيرينا.

 

إلى اليوم لا زالوا يتناقشون عن ثورة الشعب السوري ضد الطغاة شرعية أم لا، ويشككون بشرعية رئيس ينتمي الى جماعة يبغضونها، هؤلاء نفسهم يمدحون الديموقراطية التي جعلت من شخص وصفوه بالأحمق رئيساً للولايات المتحدة الامريكية. كم هو حقا مهين أن نمتلك أكثر من 60 تريليون خلية نجبرها على التعايش مع العبودية لغير الله، نرضى أن تنقل الومضات العصبية الصور المؤلمة المهينة لخلق الله دون اعتراض خوفاً وجبناً، نختار العمى رغم نعمة البصر، الم ندرك اليوم وبعد كل المجازر في حقنا عن مدى قيمة ارواحنا التي خلقها الله حرة؟

 

إلا إذا كنت من الطبقة الأولى أرجوك أعد النظر: إن الله أعطانا حرية اختيار الطريق الأخطر الذي سيحدد مصيرنا الأبدي، فلا حرج علينا على الأقل أن نختار من سيمثلنا ويحفظ لنا أمننا وينقل حضارتنا للمستوى الأعلى ولا ينظر الينا كحقل تجارب لمدى فعالية اسلحة جديدة.

 

استيقظوا أرجوكم، قد امتلأت السماء بالأرواح البريئة وما زلنا طائفيين متفرقين لا نستطيع تحديد عدونا الحقيقي، تفشى الظلم بيننا فغيرنا المعايير السليمة وغيرنا التعاريف على حسب أهواء المالكيين الحقيقين للبلاد دون استخدام القدرات العقلية الموهوبة لنا، فأصبحت الغاية تبرر الوسيلة، والقوي ببطشه يتجبر على الضعيف المتواضع، فاليوم الفدائيون إرهابيون، والقتلة المتجبرون هم الفدائيين، والغش هو الوسيلة للنجاح، أما الاجتهاد ما هو إلا مضيعة للوقت.

 

خلق الله الانسان حراً قابل للتطور وللتغير، اعطاه نعمة التفكير والتفكر، حتى يستطيع الانتماء والعيش بسلام في مجتمع قد ساهم في جعله راقي، تتفاوت فيه الفرص حسب مقدار الجهد المبذول، متفهم أن اللون، الاسم، الشكل، مكان الولادة لم تكن باختيار شخصي، رافضاً للتطهير العرقي والتهجير القسري والاستغلال الاقتصادي.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.