شعار قسم مدونات

على فراش الموت.. هل تحدثُ المعجزة؟

BLOGS- عبد الله شقرون

لقد أيقنتُ حق اليقين أن ما يريح أعدائنا اليوم هو أن نسبح في بركة الجهل لأطول زمن ممكن، وأن لا نحاول رفع رؤوسنا للتطلع والتخطيط لما سيواجهنا في المستقبل، لا يريد منا العدو سوى التأمل في حاضرنا الملطخ بالدماء، لا يريدنا العدو غير أن نكون مستهلكين، نستهلك دقيق الخبز، ونستهلك ملابس الصوف، ونستهلك الطعام المعلب، ونستهلك الأفكار، حتى الأشياء التقليدية البسيطة التي كنا نفلح في صناعتها، صرنا نستهلكها كأننا لم نكن يوماً صانعيها..
 

لم نعد سوى مستهلكين عاجزين عن الإنتاج، لا ننتج غير الكسل والخمول، غير الانبهار والذهول مما يصنعه الآخرون، نستهلك حتى الأسلحة التي ندافع بها عن أنفسنا. والنكتة إننا لسنا من يحدد قوة دفاعاتنا وهجومنا، بل ما تحدده القوى العظمى التي تبيع لنا الأسلحة، فلكي نحصل على دبابة أو طائرة أو قذيفة أو صاروخ يلزمنا كتابة طلب خطي وإرساله إلى دولة من الدول المنتجة للسلاح، وعلينا الانتظار في طابور طويل من الدول التي تنتظر بلهفة كي يَقبل المُصنع بيع السلاح لها، ويا له من ذل وإذلال، فإن كانت للآخرين عقول مصنعة، فأين عقولنا نحن؟

علينا أن نخجل من تلك الإحصائية التي تقول أن العربي يقرأ 0.70 كتاب في السنة، أي أنه لم يستطع إتمام قراءة كتاب واحد.

وقد أدركت جيداً أن للعدو آليات يطوقنا بها اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وعسكريا، فعلى سبيل المثال صندوق النقد الدولي، فلكي يقرضنا هذا الصندوق قرضاً، يفرض علينا القيام بسياسات تقشفية تضر بالدرجة الأولى بالمواطنين، فتزيد أحوالهم سوء بدل أن تساهم الدولة في تحسينها، وماذا ستحسن الدولة وزمام الأمور صارت خارج سيطرتها، وليست سوى مُفعِّلة لأجندة الصندوق البئيس لا لبرنامجها الخاص، وهذا مثال بسيط فقط.
 

وها هو الآن المخترع التونسي محمد الزواري تعرض للاغتيال من قبل جهات خارجية، وهو المهندس الذي سعى إلى تطوير طائرات بدون طيار، إنه مشروع علمي سعى إليه هذا المخترع ، لكن أعداء النهضة لم يستسيغوا الأمر واعتبروه تهديداً لهم فقاموا بتصفيته لأن نجاح هذا المشروع قد يكون استفاقة كبرى، هذا هو المسعى، إخماد شهوة الشعوب في تحقيق نهضتها في كل الميادين.
 

وقد تكون الأنظمة العربية مساهمة ولها يد في إسكات نهضتنا الفكرية والعلمية، نحن في ذيل كل شيء، في التعليم والصحة، وحتى من تَبرع بعلمه وعقله واختراعاته على هذا المجتمع الفقير، لا تعيره الدولة اهتماما فلا تخصص له مختبرات علمية، ولا تساعده ولو مساعدة مالية بسيطة، وأضرب مثالا بسيطا للمخترع المغربي عبد الله شقرون -رحمه الله- الذي كان يتخذ بيته البسيط مختبراً، وهو الذي عرضت عليه الملايين من أجل بيع اختراعاته لدول غربية، لكنه رفض ذلك وفضل الحفاظ على جنسية اختراعاته، وربما كان ينتظر في قرارة نفسه ذاك العطف من الدولة، لكن لا حياة لمن تنادي.

نحن لدينا أفكار لننتجها، إلا أن في دولنا لا نملك من يساعدنا على الإنتاج، ولو كان شقرون في بلد أوروبي لكان من خيرة العلماء، لقد أدركت أن علينا أن نكسر حاجز الجهل، وإن حاولوا إخضاعنا علينا أن نُعلم أنفسنا، وأن نسلك طريق العلوم، طالما صار الولوج لها سهلا مع هذا التقدم التكنولوجي.
 

علينا أن نخجل من تلك الإحصائية التي تقول أن العربي يقرأ 0.70 كتاب في السنة، أي أنه لم يستطع إتمام قراءة كتاب واحد، عكس الياباني الذي يقرأ 80 كتاب في السنة، ونحن نتساءل لماذا اليابان حققت نهضتها؟! إننا نحس فعلاً بالعجز والذل والهوان..

لكن إلى متى؟ الجواب في أيدينا، وما هو الجواب إذن؟ الجواب نحن، ومن نحن؟ نحن أنفسنا، نعم ولكن لماذا أنت واثق من ذلك؟ لأن سنة الله في الكون تقول "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، وإني واثق من أن الدول التي حققت نهضتها، لم تحققها لأن جهة دون جهة قررت هذه النهضة، بل لأن كل فرد في المجتمع قرر أن يحقق نهضة ذاته أولاً.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.