شعار قسم مدونات

شكرا يا مسلمين

A general view shows a damaged street with sandbags used as barriers in Aleppo's Saif al-Dawla district March 6, 2015. REUTERS/Hosam Katan SEARCH "ALEPPO TIMELINE" FOR THIS STORY

ثم ماذا بعد هذا وماذا ننتظر.. من أقدم المدن في هذه الكرة "الحقيرة"! أراد دخولها التتار فانتفض أهل مصر والشام لنصرتها، والأهم كان في ساحات المعارك العز بن عبد السلام وابن تيمية -رحمهم الله- لم يقفوا على المنابر فقط ولم يزرفون الدموع على تويتر.. ولا ننسى ملوك مصر والشام آنذاك وكانوا بيد الجند.. نعم عقدوا اجتماعات مع العلماء لكن كانت لمدة أيام ليس 6 سنوات وهم! كانت نتيجة اجتماعاتهم أنهم اجتمعوا في أرض واحدة لقتال عدو واحد ولكن نحن الآن نبدأ باجتماع ونخرج باجتماع وآخر الأمر احرقت ودمرت حلب..
 

شكرا يا عرب، شكرا للرز والبرغل الذي أشبع أطفال سورية لكن نسيتم أنهم لا يستطيعون طهي هذا الطعام لعدم امتلاكهم منزل يأويهم، ونسيتم أن أطفال سورية يموتون من شدة البرد في المخيمات في الشمال السوري.. شكرا علماء المسلمين لتعليمكم لنا أحكام الطهارة وسنن الوضوء وفقه العبادات.. شكرا لإعلام المسلمين الذي نقل لنا الحقيقة كاملة وهي تدمير وحرق حلب وهي اغتصاب العفيفات واعتقال الشباب وقتل الأطفال..
 

النتيجة.. دمار مدينتي بسبب طائرات روسيا وميليشيات الأسد وإيران.. بتخاذل وخيانة فصائل المعارضة.. بمباركة الدول المسلمة.. تركيا والخليج.. بتصفيق مجلس الأمن والمجتمع الدولي.

لا تلومونا بعد اليوم إذا أصبحنا وحوش نفترس كل المسلمين من عرب وترك وكرد وفرس وشركس.. لا تلوموا أبناء حلب إذا توجهوا للموصل أو الرقة.. جميع المسلمين من عرب وغير عرب شاركوا بهدم وحرق حلب وانتهاك حرمتها وقتل شبابها وتريدون منا الصمت وعدم الغضب.. لا تلومونا إذا ذهبنا لصفوف الدولة الإسلامية واقتحمنا معها الأردن وبغداد ولبنان والخليج… لا تلومونا إذا أصبحنا عشاق للدماء.. لا تلومونا إذا فجرنا فصائل المعارضة بالمفخخات لمساندتهم النظام بحرق حلب..
 

لقت خسرت مدينتي وبيتي.. ومستقبلي ودراستي.. وأخي.. وصديقي.. وقريبي.. كم أنا ساذج! عندما كنت أنادي بكل ثقة.. سأدرس في كلية الهندسة الكيميائية وأحصل على جائزة نوبل وأظهر على وسائل الإعلام وأقول "ها قد عادوا أحفاد جابر ابن حيان". أنا فعلاً غبي.. وأحلامي سخيفة لدرجة أن من سيقرأها سيشعر بالسخرية..
 

كان هذا حلمي.. لكن بعد ذلك تحول حلمي لحلم صغير جدا وهو تأمين طريقة خروج من حلب المحاصرة.. وتم الاتفاق مع أحد الشبيحة بدفع مبالغ ضخمة من النقود وخرجنا.. ماذا أفعل الآن؟ حسنا سأبحث عن أي عمل في تحميل البضائع وأعيش في خيمة صغيرة.. لا مشكلة سأجعل خيمتي جميلة وأرسم على جدارنا البلاستيكية مركبات وتفاعلات كيميائية.. هذا جميل صحيح؟! لا مشكلة سأنادي بأعلى صوتي لكن ليس على شاشات التلفاز سأنادي بأعلى صوتي أن جسمي النحيل سيسقط من العمل الشاق.. سيسقط بسبب الصقيع المؤلم وأنا انتظر رغيف الخبز في أحد المخيمات..
 

كم هي جميلة الحياة وأنا أجلس على صخرة في المخيم وفي يدي غصن صغير من شجرة الزيتون.. وأرسم على الطين القوارير التي تمنيت أن ألمسها وأن أرسم المركبات الكيميائية والجزيئات، حقا رسمي رائع، جميل أن أضع الأحجار من حولي وأبدأ بمناقشتهم هل خلط هذا العنصر مع هذه المادة ما النتيجة؟! النتيجة.. دمار مدينتي بسبب طائرات روسيا وميليشيات الأسد وإيران.. بتخاذل وخيانة فصائل المعارضة.. بمباركة الدول المسلمة.. تركيا والخليج.. بتصفيق مجلس الأمن والمجتمع الدولي.. نسيت أن أشكر نفسي.. أنتم اشكروني أيضا لأنني تخليت عن حلمي وحصولي على نوبل بالكيمياء..
 

هل جننت! لا لم أجن.. لكن ضاع مني كل شيء.. لم يبق لي غير الله.. وهو غني عن كل العالمين. لكن أمامي طريق جميل وأكون فيه عزيز الجميع يهابني ويحترمني ولا أحد يمسني بسوء.. نعم الطريق هو في الموصل والرقة.. حقا جميل.. وداعا

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.