شعار قسم مدونات

معذرة حلب

REFILE - CORRECTING BYLINE Smoke rises as seen from a governement-held area of Aleppo, Syria December 12, 2016. REUTERS/Omar Sanadiki TPX IMAGES OF THE DAY

جحافل البرابرة تجوس بحلب كالآلام في قلوبنا.. كيف سنتعذر يوما لحلب الشهيدة.. حلب التي انتصرت حتى في صمودها اﻷخير والخاسرون نحن.. نحن الذين تجمعنا البشرية التي تقف عاجزة أمام ثلة من المجرمين.. سينزف القلم رمقه الجريح لعل شمس الإنسانية تشرق في بعض الجوانح المظلمة.. لعل حلب تسامحنا يوما.
 

الحديث عن المصالحة والتسامح كلام جميل لكن.. هل يمكن أن تتحقق المصالحة في ظل نظام إجرامي أباد الآلاف وارتكب من الفظاعات ما لا يغتفر؟ المعتذرون عن النظام كيلا أقول المدافعين عنه يحمّلون مسؤولية الحرب وما انجر عنها قطرَ والسعودية وتركيا الذين يحاولون سرقة أحلام السوريين في التخلص من نظام فاشي مغرق في اللاإنسانية ليزرعوها سموما في وحل الطائفية. هؤلاء يتغافلون عن طائفية النظام وحلفائه إيران وحزب الله والميليشيا الشيعية.. طائفية أثبتت بجدارة بغيضة أنها أكثر تطرفا ودموية وأبشع من طائفية بعض مناوئيهم بقياس سنوات ضوئية..

 

كفانا تبريراً، فلا تبرير للقتل والإجرام، لا تبرير لوجود أنظمة تلغي حق الإنسان في الكرامة والتعبير بحرية عن رأيه، في اختيار نمط عيشه وتخير معتقده.

الصفح جميل والتسامح أجمل لكنني لا أظن أن من تعرض لما تعرض له أهلنا في حلب من قصف وتدمير وإبادة باستطاعته أن يسامح ولا أبناؤه أو حتى أحفاده باستطاعتهم ذلك، ما حدث في حلب سيظل في ذاكرة الإنسانية جمعاء وصمة للعار لأنها لم تستطع بل لم تشأ وقف آلة القتل والدمار حينما فضل كل طرف اقتراف حساباته الخاصة.

 

لقد أخفقنا جميعا.. أخفقنا في الوقوف إلى جانب الإنسان دونما اعتبار لموقعه من الطيف الطائفي، أخفقنا في الانحياز إلى اﻷطفال وهم زهرة الإنسانية ضد قاتلهم أيا ما كان ذلكم القاتل البربري، أخفقنا في أن نَصدُق مبادئنا وأحلامنا في غد عربي حر لا تجثم على أفقه اﻷنظمة القمعية المجرمة التي حولت وطننا العربي الكبير إلى حبس شاسع وأيامنا إلى سواد حالك من البؤس والفشل.

 

كفانا تبريرا فلا تبرير للقتل والإجرام، لا تبرير لوجود أنظمة تلغي حق الإنسان في الكرامة والتعبير بحرية عن رأيه، في اختيار نمط عيشه وتخير معتقده.. ليس هناك ما يبرر سلب الإنسان حقه في ممارسة بشريته دونما مضايقات ولا تسلط من أحد. ليس هناك ما يبرر بشار ولا داعش أو القاعدة.

 

الاستبداد والحرمان من الحريات عنف يولد العنف ويؤدي إلى الخراب لا محالة.. ومعظم العرب يعيشون في ظل القمع والتسلط موتا ليست الحياة بأحسن منه، يأس يدفع بالناس إلى الانتفاض والثورة لأنها الضوء الوحيد في نهاية النفق المظلم ومسيرة التاريخ تفرض أن تكون النهاية الحتمية للانسداد هي الانفجار.

 

لقد انتهى نظام اﻷسد عند أبواب حلب، وإن انتصر، فالتكلفة التي دفعها اﻷطفال والمدنيون تحت وطأة ممارساته الوحشية ستجعله منبوذا إلى اﻷبد من قبل الجميع فحتى داعموه سيضطرون إلى التنصل منه والابتعاد عنه ولو ظاهريا لما يشكله من عبء أخلاقي فادح لا يمكنهم تحمله لفترة طويلة من الزمن، ولا يمكن لنظام مهما كانت أسباب قوته أن يستمر منبوذا محتقرا من قبل الجميع.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.