شعار قسم مدونات

حلب تُباد.. وما الجديد يا عرب؟!

Turk, Arab and Bosnian people carry effigies representing dead babies during a solidarity march in Sarajevo, Bosnia and Herzegovina, 14 December 2016. The march is to show solidarity with trapped citizens of Aleppo in Syria. Russia's Ambassador to the UN announced that the Syrian government's army has on 13 December taken full control over the city of Aleppo.

إن ما يحدث اليوم ومنذ سنوات في سوريا من مجازر مستمرة في حق المسلمين لهو عار علينا جميعا، عار علي كل مسلم سيلاحقه أبد الدهر وحتى يوضع في قبره، عار على الأمة كلها كبيرها وصغيرها وأغنيائها وفقرائها وأقويائها وضعفائها، نعم كلنا خذلناكم يا أهل الشام، خذلناكم بتقاعسنا وتهاوننا في حقكم، خذلناكم بمهادنة حكامنا ونحن نعلم أنهم يتآمرون عليكم ويتحالفون مع من يقتلكم ليل نهار، خذلناكم في تقصيرنا في الدعاء لكم حتى، خذلناكم ومازلنا نخذلكم كل يوم وكأننا نفخر بخذلناكم، فكيف لمن لا يقدر على أن ينتصر لنفسة أن ينصركم؟
 

كل يوم منذ سنوات نشاهد في نشرات الأخبار ما أنتم عليه، قتلى وجرحي بالعشرات أو بالمئات يومياً، القنابل تلقي على رؤوسكم يومياً، تهجرون أرضكم وأموالكم وكل شيء فارين من هذا الجحيم، حتى انتابتنا البلادة واللامبالاة وكأن الوضع هذا روتين يومي، وإذا بالسؤال يتردد على ألسنتنا: كم قُتل في سوريا اليوم؟ كم استقبلت الدول من السورين الفارين من هذا الجحيم؟ نعم تحول الأمر إلى إحصائيات في نشرات الأخبار نتابعها ونحن نتناول الغذاء.
 

إلى أن يتم تربية العقول سيظل القوس مفتوحاً لمزيد من الدمار والخراب والقتل والتشريد لأبناء أمتنا كل يوم، ولن يتردد العدو لحظة واحدة على إبادتنا بلا رحمة أو شفقة.

فليست سوريا الأولي من بلاد المسلمين التي تُباد بهذا الشكل المجرم، فهناك فلسطين هي الأخرى، وكلنا يعلم ما يحدث للشعب الفلسطيني وقطاع غزه المُحاصر من الصهاينة اليهود والصهاينة العرب، وهناك أيضا بورما والبوسنة والهرسك ودارفور والأناضول والصومال والهند وتركستان الشرقية وكمبوديا وإندونيسيا وما حدث من مجازر بشعة في تلك المناطق والبلدان في حق المسلمين على مر التاريخ، ولم نحرك ساكنا كشعوب حتي للضغط علي حكامنا لاتخاذ مواقف حاسمة تجاه تلك الدول التي تقتل إخواننا ليل نهار باستثناء بعض التظاهرات والاحتجاجات التي لا تسمن ولا تغني من جوع مع مثل هؤلاء.
 

وما يحدث اليوم لأمتنا الإسلامية هو نتاج متوقع لحالة التشرذم والضعف والاختلافات التي تنخر في عظم الأمة منذ عقود، تخلينا عن ديننا وهذا هو سبب ما نحن فيه دون شك، وبعد أن كنا نقيم التحالفات بيننا كعرب تفرقنا وأصبحنا نتحالف مع أعداء الأمة بل ونتآمر على بعضنا البعض بمساعده العدو، فماذا كان سيحدث لو كان العرب قوة واحدة متحدة الآن؟ ولكن كل يغني على ليلاه وطغت المصالح الخاصة للدول على مصالح الأمة فلا عادت تهمنا عروبة ولا أخوة في الدين ولا أي شيء.

نحن نُباد منذ قديم الأزل كمسلمين، وحتي الآن لم نتحد ولم نمتلك إرادتنا ولم نصنع سلاحنا ولم ننتج دوائنا، نحن فقط نستمتع بالإبادة وكأنها مبرر لطيف لدخول الجنة دون عناء التفكير في دفع الأمه لسابق مجدها، وكأننا تعودنا الضعف والخنوع، وأصبح الأمر مسألة وقت فقط لكي ننسي مجزرة ما لكي نستعد للمجزرة التالية ونحن نلعب دور المشاهد ببراعة منقطعة النظير، ونرجو أن يرحمنا العالم قليلاً ونتوسل للأمم المتحدة أن تساعدنا و ترأف لحالنا، والله لن يحترمنا العالم ولن يتورع عن إبادتنا لحظة واحدة ونحن هكذا، لأنهم لا يحترمون إلا الند القوي العني، ونحن والحمد لله لا نريد أن نفكر أصلاً كيف نصبح نداً عنيداً لهؤلاء.
 

ليس لنا إلا أن نفكر ثم نفكر ثم نفكر ثم نعمل ثم ننتصر بإذن الله، لأن الله لن ينصرنا ونحن لا نمتلك الشجاعة الكافية في أن نفكر كيف ننصره سبحانه وتعالى أولاً.

نحن نريد أن نصنع العقول، نصنع الوعي الحقيقي أولاً، نتعلم كيف تُبني الأمم وتصنع حاضرها ومستقبلها، فركوننا لأمجاد الماضي ضيع كل شيء، نريد أن نربي من يستطيع التغيير، نربي من يمتلك الشجاعة لأن يفكر، نربي من ينتصر بفكرة أولاً وليس بيده، فإذا استطعنا أن نربي العقول ونخرج أجيالاً لديها وعي حقيقي وقتها سننتصر وقتها سنمتلك إرادتنا وسلاحنا وغير ذلك هو مجرد عبث وتضيع أوقات على الأمة واستنزاف لأبنائها دون جدوى حقيقية.
 

وإلى أن يتم تربية العقول سيظل القوس مفتوحاً لمزيد من الدمار والخراب والقتل والتشريد لأبناء أمتنا كل يوم، ولن يتردد العدو لحظة واحدة على إبادتنا كل يوم بلا رحمة أو شفقة، وستتحول البلدان العربية كلها إلى سوريا وبورما، وسيضيق علينا الخناق شيئا فشيئا حتى نلفظ أنفاسنا الأخيرة، فقط كل ما علينا فعله وقتها أن ننظر في عين عدونا وهو يتلذذ بذبحنا مثلما نتلذذ نحن بذبح الخراف في عيد الأضحى.

وحتى لا يأتي هذا اليوم ليس لنا إلا أن نفكر ثم نفكر ثم نفكر ثم نعمل ثم ننتصر بإذن الله، لأن الله لن ينصرنا ونحن لا نمتلك الشجاعة الكافية في أن نفكر كيف ننصره سبحانه وتعالى أولاً.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.