شعار قسم مدونات

قتل القتيل.. ومشى في جنازته

blogs - الكنيسة
لم أدرك ماهية هذا العنوان، إلا بعدما رأيت مشهد تلك المظاهرة، التي حدثت  إثر العمل الجبان لإنفجار الكاتدرائية في القاهرة، والناس (مسلمون ومسيحيون) يقومون بطرد أشباه الإعلامين من ساحة التظاهر، ولسان حال المتظاهرين كفاكم استخفافا بعقولنا هنا ساحة للبكاء، وليست للتباكي، هنا نطالب بالجاني ولسنا نحاول إخفاءه كما تفعلون، فلعبتكم القذرة انتهت، وحان انجلاء زوركم..

 

فبئس أنتم، فمهما تلذذتم من الفتات، فسيأتي يوم يلعنكم التاريخ ولن يرحمكم وسيطرحكم إلى مزبلته مذمومين مدحورين. سيناريو متكرر كان حصيلته، أربعون ونيف من القتلى، ولكن هذا النوع من السيناريوهات مختلف عن أي سيناريو درامي آخر، فإن الأخيرة يكون المستفيد منها المنتج وهو معروف ويريد ذلك لكسب أمور كثيرة، ولكن وجه الاختلاف هنا أن منتج هذا السيناريو نجاحه بعدم ظهوره أو حتى إعلانه، ولكن المشاهد هنا إذا ما استفاق من قوة العرض، فإنه سيبحث جاهدا عن المنتج، وإن حاول الهروب إلى جز الاتهامات على الآخر، وللأسف فقد ينجح في هذا الأمر لأن الآخر يملك أسبقيات في هذا المجال.

 

إن انفجار الكاتدرائية لم يضرب فقد الكنيسة وضواحيها، وإنما سيفجر عقول وتفكير الكثيرين، نحو هذه الأحداث، وسيغير مجرى تفكيرهم.

فنحصل على معادلة سهلة للجاني وصعبة ومعقدة للمشاهد، ولكن إذا ما تكرر السيناريو فإن اللغط قد ينجلي شيئاً فشيئاً، وبعدها نقف على من سولت له نفسه أن يفخخ ويدمر ويقلع ويذبح أناس يقفون أمام ربهم بكل أمن يرتجون الرحمة والسلام، يقفون في بلد إسلامي أعطاهم حرية معتقداتهم وحرية صلاتهم وأعطاهم أمنهم قبل كل هذا، بلد أمنهم داخل كنائسهم.

 

ما يحصل اليوم من ذبح واستنزاف للمحرمات لن يطول كثيراً في خدمة أجنداتهم الساذجة التي يحلمون بها ويسعون إليها، إن انفجار لم يضرب فقد الكنيسة وضواحيها، وإنما سيفجر عقول وتفكير الكثيرين، نحو هذه الأحداث، وسيغير مجرى تفكيرهم من سامعين لمنابر صنعها النظام ليبث الخراب والعنصرية والهدم والعنف وكل مرادف يراد به تخريب البلاد لتحميهم، أصبح الآن أمام الرائي طريق آخر لكي يرى به الوجه الآخر لعدوه الحقيقي الذي في ظاهره خوفاً على بلاده، وباطنه الجز بكل شيء حتى يصبو إلى هدفه المادي الوضيع.

 

نعم فما حدث من طرد لتلك الشرذمة من الإعلاميين المتسلقين المداهنين لجرائم نظامهم، إنما هو رد واضح لا بل صارخ في وجه تلك الأبواق، وحصاد لثلاث سنوات من التحريض.

 

وأقول هذا جازماً إن ما يحصل من سيناريوهات فاشلة في زعزعة ديمقراطية الدولة، هو خطوة أولى للوصول إلى ثورة عظيمة حقيقية، تزيل بها الظلم عن هذا الشعب الذي أثقلته آلة النظام من فقر وجوع وتعذيب في غياهب السجون.

 

إن الخطوة الثانية قادمة إن طالت، والكل يراهن على ذلك الشعب الذي لا ينقصه أي شيء من أدوات التقدم والتطور والازدهار، لابل هو شعب له تاريخ حافل ينبئ عن مستقبل واعد، لن يقف من أجل إعلام زائف لا بل لن يقف من أجل نظام مستبد قوته كعهن العنكبوت.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.