شعار قسم مدونات

الإعلام العربي "يا سلام أو يا حرام"

blogs- إعاقة

يحتفل العالم باليوم العالمي للإعاقة والذي يصادف الثالث من ديسمبر من كل عام، وتتسابق وسائل الإعلام لتناول هذا الموضوع كجزء من أجندتها اليومية، وما لفت نظري بالتغطيات التي جرت كثرة الأخطاء وخاصة بالمسميات فكانت الرسائل تصل مبتورة ومشوهة في كثير من الأحيان، ووصلت على عكس المبتغى، وقد قام أحد المراسلين بوصف الأشخاص ذوي الإعاقة بالخارقين والأبطال الذين لا يقهرون، بيد أنه في ختام تقريره طلب من المشاهدين مد يد العون والمساعدة لهم وضرورة النظر إليهم بعين الرأفة والرحمة!! " جاء ليكحلها فعماها " كما يقول المثل المتداول في بلاد الشام.

 

والمطلوب في هذا الصدد أن تنشأ لغة جديدة للخطاب الإعلامي الخاص بالأشخاص ذوي الإعاقة؛ خطاب له بعد قانوني حقوقي قوامه تحقيق المساواة وتحييد الإعاقة والبعد عن تكريس النهج الرعائي، وباختصار فإن المتعين هنا ألا نجعل من هؤلاء الأشخاص أبطالاً لا يشق لهم غبار، ولا ضعفاء يتطايرون كالغبار، ولا عباقرة فوق الخيال، ولا ابتلاءً واختبار.

 

ولا أنكر وأنا أسوق ما سبق أن بعض ما نسمعه او نقرأه أو نشاهده يلامس قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة ويطرح بمهنية عالية. قبل أكثر من خمسة أعوام أجتمع بالدوحة عدد من الخبراء من الأشخاص ذوي الإعاقة والعاملون معهم بمشاركة فاعلة من وسائل الإعلام جاؤوا من مختلف الأقطار العربية بهدف التعريف بكيفية تناول وسائل الإعلام لقضاياهم، وقد اجتمع المشاركون بندوة حملت عنوان "الإعلام وقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة".

كان التركيز على اللغة التي يجب ان تتبناها وسائل الإعلام وقدم وقتها د. مهند العزة عضو مجلس الأعيان الأردني وهو "شخص مكفوف" مذكرة حملت عنوان "قل ولا تقل في مجال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة"، وبعد مراجعتها أمام الحضور وتنقيحها تم اعتمادها من قبل المجتمعين. ويجدر بالذكر أن شبكة الجزيرة الفضائية أول من تبنت هذه المذكرة وعممتها على كافة صحفيها في مختلف أنحاء العالم كمرجعية ودليل لهم اثناء تغطياتهم لقضايا الإعاقة.

 

لا تقل: معوقة، معاقة. قل: المرأة ذات الإعاقة. لماذا: تحقيقاً للنموذج الشمولي والتوازن الجندري.

وها أنا أعيد نشرها هنا ووضعها بين أيديكم ليتسنى للجميع لا سيما وسائل الإعلام والإعلاميين والباحثين والمهتمين الإفادة منها.

 

قل ولا تقل في مجال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة

 

لا تقل: معوقون، معاقون، ذوي الاحتياجات الخاصة، عجزة، متحدي الإعاقة.

قل: الأشخاص ذوو الإعاقة.

لماذا: يجب البدء بكلمة "أشخاص" لتحقيق التحول من النموذج الفردي الذي يتعاطى مع الإعاقة بمعزل عن الشخص، إلى النموذج الشمولي الذي ينظر إلى الإعاقة بوصفها حالة من تداخل العوائق البيئية والسلوكية مع العوامل الشخصية. يجب أن يتوسط بين كلمة "شخص أو أشخاص" وكلمة "إعاقة"؛ كلمة "ذوو أو ذو"؛ تأكيداً على أن الإعاقة ليست لصيقةً بالشخص. كما أن "ذوي الاحتياجات الخاصة" تعبير مضلل لأنه يعبر عن كل شخص لديه احتياج خاص أياً كان نوعه.

 

لا تقل: معوقة، معاقة.

قل: المرأة ذات الإعاقة.

لماذا: تحقيقاً للنموذج الشمولي والتوازن الجندري.

 

لا تقل: قزم. قل: شخص ذو إعاقة جسدية من قصار القامة. لماذا: قصر القامة هو شكل من أشكال الإعاقة الجسدية.

لا تقل: الصم والبكم، أطرش، أخرس، أطرم.

قل: شخص أصم أو شخص ذو إعاقة سمعية.

لماذا: ليس كل أصم أبكم. وقد أصبحت كلمات "أصم، أطرش، أطرم" تستخدم للدلالة على أمور سلبية وتستخدم للنقد.

 

لا تقل: أعمى، ضرير

قل: شخص ذو إعاقة بصرية أو شخص مكفوف

لماذا: "الإعاقة البصرية" تشتمل على الأشخاص ضعاف البصر على اختلاف درجاته والأشخاص المكفوفين، بينما "أعمى وضرير" لا تعبر إلا عن الأشخاص المكفوفين كلياً.

 

لا تقل: عاجز، مشلول، مكرسح.

قل: شخص ذو إعاقة جسدية – شخص ذو إعاقة حركية.

لماذا: لأن تلك الكلمات تجعل من صفة "العجز" سمةً لصيقة بالشخص ومتحدةً معه.

 

لا تقل: قزم.

قل: شخص ذو إعاقة جسدية من قصار القامة.

لماذا: قصر القامة هو شكل من أشكال الإعاقة الجسدية.

 

لا تقل: متخلف عقلياً.

قل: شخص ذو إعاقة ذهنية.

لماذا: ليس من حق أحد أن يحكم على أي شخص بأنه "متخلف"، فالتخلف يكمن في انعدام التهيئة البيئية وغياب الترتيبات التيسيرية.

 

لا تقل: منغولي.

قل: شخص ذو إعاقة ذهنية – متلازمة داون.

لماذا: متلازمة داون نسبةً إلى من اكتشف هذا النوع من الإعاقة الذهنية" لا يحق ن ننسب شخصاً إلى شعب أو أمة لكون ملامحه تتشابه معهم.

 

لا تقل: مجنون، معتوه، سفيه.

قل: شخص ذو إعاقة نفسية اجتماعية.

لماذا: إن الأشخاص من ذوي الإعاقة النفسية الاجتماعية والأطباء النفسيين يؤكدون أنه لا وجود علمي وعملي للشخص "المجنون". الإعاقة النفسية ترتب عوائق سلوكية مصدرها "الوصمة" ونظرة المجتمع للأشخاص ذوي الإعاقة النفسية.

 

لا تقل: "الإعاقة قضية إنسانية بالدرجة الأولى".

قل: "الإعاقة قضية حقوق إنسان".

لماذا: الأشخاص ذوو الإعاقة يجابهون تمييزاً وإقصاءً في ممارستهم للحقوق والحريات نفسها المقررة للكافة، وتناول حقوق الإنسان في سياق استثارة العواطف والشفقة؛ سوف يُضر بجوهر القضية.

 

لا تقل: الإعاقة ابتلاء واختبار"

قل: "الإعاقة تنوع واختلاف بشري طبيعي"

لماذا: إنّ تكريس فكرة أن الإعاقة هي شكل من أشكال "الاختبار أو الابتلاء" سوف يجعل من الانتهاكات والتمييز؛ صوراً لهذا الابتلاء والاختبار الذي يجب على الشخص تحمّله والتعايش معه. فسوف يصبح ارتطام الشخص ذي الإعاقة البصرية بالجدران وتعرضه للمخاطر أثناء تنقله؛ شكلاً من أشكال الابتلاء وليس تقصيراً في تهيئة البيئة والتدريب على فن الحركة والتنقل.

 

لا تقل: "يجب تقديم الرعاية والعناية لهم…"

قل: "يجب أن يتم تحقيق المساواة وتكافؤ الفرص للأشخاص ذوي الإعاقة"

لماذا: إن الإعلام مطالب بتبني لغة حقوقية قوامها تحقيق المساواة وتحييد الإعاقة والبعد عن تكريس النهج الرعائي الوصائي.

 

لا تقل: على الرغم من وجود الإعاقة فقد استطاع أن يقهرها ويحقق النجاح"

قل: "على الرغم من وجود العوائق البيئية والسلوكية فقد استطاع أن يحقق ما يريد"

لماذا: لابد من توخي الحذر في تناول الإعلام لما يسمى بـ "قصص النجاح" للأشخاص ذوي الإعاقة. فحصول شخص ذي إعاقة على درجة الماجستير أو الدكتوراه مثلا، يجب أن يقدّم في إطار أنه في الأصل إنجاز عادي، ولكن حدوثه مع وجود عوائق بيئية كبيرة هو الذي يجعل من مثل هذا الأمر خبراً يستحق التغطية الإعلامية.

 

لا تقل: "نقدّم لكم اليوم نموذجاً للنجاح والتحدي من الأشخاص ذوي الإعاقة"

قل: "نقدّم لكم اليوم نموذجاً آخر على ما يجابهه الأشخاص ذوو الإعاقة من عوائق وتحديات حتى يحققوا ما يحققه الآخرون بسهولة ويسر"

لماذا: الأشخاص ذوو الإعاقة لا يتحدون إعاقتهم بل يتحدون معيقات وصولهم إلى حقوقهم وحرياتهم الأساسية.

 

لا تقل: "ومن خلال هذا البرنامج نناشد المسؤولين وأصحاب القلوب الرحيمة لمساعدة هذه الأسرة وطفلها المعاق…"

قل: "ومن خلال هذا البرنامج، فإننا نضع المسؤولين أمام مسؤولياتهم لمراجعة حالة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.

لماذا: حفاظاً على كرامتهم الإنسانية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.