شعار قسم مدونات

عروبتنا التي تأبى أن تتركُنا

blogs - sunset

الحزن يسكنني، ويتشبثُ بخلايا جسدي الصغير، لا يريدُ أن يترُكني، ولا يترك مجالاً ل السين والعين واللام والدال والتاء بأن يجلسوا محلهُ، الحاء تعمل كالدرعِ الواقي ضد السعادة والزاي تثبتُ الحزنَ بكل قوتِها، أما النون فتنشرُ مفعولَ الحزنِ، والحزن الذي يسكنني ليس بالسطحيةِ التي تفكرون بها، ولا بالكميةِ الضئيلةِ التي تخطرُ ببالكم، حزني عميقٌ للغاية، وأوجاعهُ عنيفةٌ لاذعةٌ.

أنا حزينةٌ، وحزني ليس تافِهٌ، كغالبية أحزانُنا، "أنا حزينةٌ " وليتَ في قاموسِنا كلمة تدل على حجمِ الحزنِ والاستياءِ والأسى والتعاسةِ التي أشعرُ بها.

أنا حزينةٌ يا أخواني وأخواتيّ العرب، أنا حزينة لأجلنا نحن العرب، لأجلنا نحن الذين نسكن من المحيطِ الأطلسي غرباً الى بحرِ العرب شرقاً، أنا حزينة بسبب الحدود التي لا تسطيعُ أن تجمعنا رغم أن ما يجمعنا منذ آلاف السنين أكثر مما يُفرقنا، وأعظم ما يجمعنا هو أننا بالنهايةِ عرب، يجمعنا وطننا العربيّ الذي احتضننا منذ آلاف السنين رغم بعض الاختلافات الصغيرة، وطننا الذي رغم كل هذه الحدود التي يضعونها عليه لن يكن لها أثر على قلوبِنا.

يحلم العربي بإشراق شمس السلام على أوطان تشبعت حروب وقتال وتدمير، تشرّبت دماء حتى كادت تفيض من كثرتها.

تجمعنا لغة واحدة رغم تعدد اللهجات واختلافها التي تجعل لأحاديثنا نكهة جميلة جداً، تجمعنا عاداتنا وتقاليدنا الواحدة رغم اختلاف بعض التفاصيل، فكلنا لدينا أطباع متشابهة ولا سيما أن ما نتميز بهِ نحن العرب هو الكرم الذي نتوارثهُ وهو جزء منا ومن روحِنا العربيّةِ الأصيلة، يجمعنا الدم الذي وبالرغم من الاختلافِ الصغير في فئاتِ دمِنا إلا أنه مازال يحتفظ بعروبتنا التي تأبى أن تتركنا، نأبى أن نتركُها؛ لأنها تشبثت بنا قرون ولن نتركها ببضعة عقود.

تجمعنا أحلامنا وطموحنا وأهدافنا، فكل عربي يحلم، يحلمُ بالسلام، والأمن، والاستقرار، يحلمُ بالصلاحِ والإصلاح الذي نتمناه لوطننا العربي، يحلم بالغدِ المشرق على وطن غابت عنه الشمس منذ مدة حتى كاد يتعفن من كثرة الفساد، يحلم بإشراق شمس الحرية على وطن أبناءهُ يحاكمون من أجل بضعة كلمات، وأخرين يحاكمون لأنهم يطالبون بحقوقهم الأساسية كالطعامِ والشراب.. يحاكمون لأنهم يطلبون الحياة، والحياة هنا يا أعزائي حق وليس ترفا كما يعتقد سالبوها.

يحلم العربي بإشراق شمس السلام على أوطان تشبعت حروب وقتال وتدمير، تشرّبت دماء حتى كادت تفيض من كثرتها، شمس السلام التي يبحثوا عنها الأطفال والشيوخ والنساء والرجال، اللاجئون والمحاصرون، المخذولون والمظلومون، والمتعبون من الأمراضِ والذين أتعبتهم الحياة، جميعهم ينتظروا شروقها الذي سيخلصهم من مرارةِ حياةٍ يعيشوها.

يحلم العربي بالازدهار والنهضة، يحلمُ بالوحدة، يحلم بالتعاون والإحسان والرحمة، يحلم بالسعادة الحقيقية ولو لبضع ثواني، يحلم بالمستقبل الأفضل له ولأبنائه ولجميع مواطنين وطنه.
 
الكل في وطني يحلم، لأن الأحلام فقط في وطني العربي ليس لها حدود. وأبقى أتساءل هل لحزني هذا دواء؟ هل لأوجاعهِ القاسية علاج؟

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.