شعار قسم مدونات

سرت تحرر بيت بيت

Fighters of Libyan forces allied with the U.N.-backed government celebrate as they are close to securing last Islamic State holdouts in Sirte, Libya December 5, 2016. Picture taken December 5, 2016. REUTERS/Ayman Sahely EDITORIAL USE ONLY. NO RESALES. NO ARCHIVE.

"دار دار، بيت بيت، زنقة زنقة" جملة وإن ارتبطت بالقذافي إلا أن إسقاطها على الحال في سرت بات ممكنا اليوم في ظل انحسار التقدم بعدد البيوت. المدينة التي عانت لأكثر من عامين من وجع تنظيم الدولة اقتربت عودتها لأحضان ليبيا، عودة ربطها قادة ميدانيون بضرورة إخلائها مما خلفه التنظيم من ألغام وأذى يبحث عبره ترك بصماته فيها وإن دحر.
 

منذ أشهر تهاطلت التصريحات من هنا وهناك وكلها تحدثت عن اقتراب نهاية معركة البنيان المرصوص ضد تنظيم الدولة، قبل أن تنحصر التصريحات في الحديث عن كيلومترات في وصف للمساحة التي ينتشر فيها التنظيم ثم عن مساحة قدرها المبعوث الأمريكي الخاص للتحالف الدولي ضد تنظيم الدولة بملعب لكرة القدم، ولتنتهي بمجموعة بيوت تسيطر القوات يوميا تقريبا على عدد منها.
 

انقسام مازال يؤرق البلاد بين شرق متحفتر وغرب ينقسم في حد ذاته بين رئاسي يدعمه الغرب وحكومة إنقاذ تتشبث برمق واهي لوجودها

يوم الاثنين الخامس من ديسمبر 2016 حسم الأمر تقريبا، انهار التنظيم الذي يروع العالم وباتت سرت في قبضة البنيان المرصوص بشكل شبه كامل. الغريب أن عددا من عناصره سلموا أنفسهم لمن يعدونه عدوا ما يفسر الحالة التي بلغها هؤلاء بعد حصار دام شهورا. تسليم يطرح تساؤلات مختلفة في ظل تأصل أفكار في التنظيم قد يستحيل معها تسليم النفس للعدو، حتى أنه كان هناك حديث عن عمليات تصفية في صفوفه في الأيام القليلة الماضية.
 

عنجهية تأصلت حتى في عدد من النسوة ممن كانوا ضمن التنظيم ممن التحقن به أو اختطفن وبتن سبايا عند عناصره، أفكار بلغت حد تفجير امرأة لنفسها ومعها أطفالها لا لشيء إلا لمنع عدد ممن قبلن بالخروج عبر الممرات الآمنة من الوصول إلى بر الأمان فتلك خيانة وفق أفكار التنظيم المتطرفة.
 

أيام فاصلة في تاريخ سرت أبطالها كثيرون وضحاياها أكثر، و"ساجدة" إحداهن هي طفلة نجحت في بلوغ الأمان عبر سلكها الممرات الآمنة التي فتحتها قوات البنيان المرصوص في منطقة الجيزة البحرية. بكلمات بسيطة ومختصرة تحدثت لوسائل إعلام محلية وبصوت مرتعش يحمل شجن حاضر ووجع مستقبل غامض كسرت قلوب الليبيين "بابا قتل وأمي كلمتها فلم تجبن وبقية خواتي لا أعلم عنهم شيئا" تلك حالها بعد أن اختار أبوها الانصهار في تنظيم الدولة ونفذ خيارها على العائلة بأكملها وغيرها كثيرون من أطفال باتوا بين ليلة وضحاها أبناء "إرهابيين".
 

أين سيمكثون؟ كيف سيعالجون من هول ما عاشوه؟
ساعات تفصل عن إعلان السيطرة الكاملة عن سرت ليكتشف العالم بعدها المدينة وهي خالية من تنظيم أرقها وهجر سكانها وصلب أبنائها ودمرت معركة إسقاطه جانبا كبيرا من الحياة فيها. سرت تعود لأحضان ليبيا ولكن هل ليبيا جاهزة لاحتضانها؟ هل خطط لما بعد تنظيم الدولة؟
 

انقسام مازال يؤرق البلاد بين شرق متحفتر وغرب ينقسم في حد ذاته بين رئاسي يدعمه الغرب وحكومة إنقاذ تتشبث برمق واهي لوجودها، هل في خضم ذلك ستجد سرت من بلدها نصيب بعد تحريرها من هول تنظيم عاشت خلال حكمه في براثن العنف والعنجهية وسفك الدماء.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.