شعار قسم مدونات

استمتع كأنه الخلود!

blogs - happy
كثيرا ما يتبادر إلى ذهني أن أسأل نفسي سؤالا جدليا بين نفسي ونفسي، هل أنا سعيدة؟ ما هي السعادة في ناظري؟ وان لم أكن فكيف يمكن أن أكون سعيدة؟ ولدنا بشرا متساوين في الفرص والاستعدادات الفطرية، فمنذ ولادة الإنسان الأول كانت السعادة تؤرقه ، تقض من مضجعه دون أن يدري، فكان من الجميع على السواء البدء في البحث عن السعادة لتكون هاجس يعمل كدافع قوي يحرّك الإنسان ويدفعه لتحقيقه!

وإن استطعت أن أجد جوابا لسؤالي الآني، فثمة أدلة كثيرة يمكن أن أقتفي أثرها لأعرف حقيقة جوابي ذاك! لا تختلف دوافعي كثيرا عن دوافع الآخرين، بل كثيرا ما نتشارك في الدوافع و الغايات حتى الطرق التي نسلكها كثيرا ما يمكن أن تتقاطع!

في فلسفة الأيام لغز عجيب يا صاحبي لو تدري، لقد مضى الماضي بما فيه وليس لنا أن نستعيده أو نرمم ما جرى به!

لكنني وبدافع فطري عميق، أحاول أن أبحث في البدايات الأولى للبحث عن السعادة، في الدوافع المبكرة للسعي نحوها، لأجد أن السعادة ارادة فطرية تنبع من داخل الانسان، لا يمكن أن تهدى إليك إلا في طريق سعيك اليها، السعادة رزق يسعى إليه..

ومن تجاربي المتواضعة في رحلتي في هذه الحياة يمكنني أن أسوق كثيرا من الأمثلة للسعي نحو السعادة.. نستعجل مرور السنوات، وندعو الله بانقضاء الحاجات، نريد أن تمر هذه الأيام مسرعة في انتظار ما تحمله القادمة منها، حتى إذا جاء الغد أصبح يومنا بين أيدينا وعدنا ننتظر ونسارع، فاستبقنا النظر لغد ولما بعده.. ولكن..

هل فكرنا أننا ربما نحرق لذة أيامنا، ونطفئ شغف أحلامنا باستعجال ما ننتظره، ألا ندري أن أيامنا التي لا نريدها في هذه اللحظة هي جزء من سنين أعمارنا، وقد تكون أجملها بل وأسعدها لو كنا نعرف..

ففي فلسفة الأيام لغز عجيب يا صاحبي لو تدري، لقد مضى الماضي بما فيه وليس لنا أن نستعيده أو نرمم ما جرى به! لكن حاضرنا هو يومنا الذي بين أيدينا وكل ما نملكه هو وفرصته! ومستقبل قد يكون قريبا أو بعيدا لكننا لا نملكه بين أيدينا وقد لا يأتي على الاطلاق!

أسير اليوم في الجامعة بعد تخرجي بشعور مختلف، أسائل نفسي كيف مرت تلك الفصول المتعاقبة وأنا من تمنى أن تمضي.. كيف؟ يالريبعها الرائع!.

كنت قد قبلت لدراسة الماجستير في الهندسة في جامعتي الأم، الجامعة الأردنية منذ ثلاث سنوات، كنت أعمل في وظيفة ممتازة وقررت اكمال تعليمي الأكاديمي فقبلت.. أقول حقا أنني أفتقد أيامي كثيرا ،تلك التي مضت وكانت أكبر أمنياتي أن تمضي، تشبه مرحلة الدراسة تلك أيه مرحلة تمر بك يا صديقي بما فيها من بيض الأييام وسوادها!

ستة فصول دراسية بكثير من فصول السنوات التي مضت تباعا دون أن ألحظ أنها كانت أجمل أيام حياتي على الاطلاق رغم صعوبة الدراسة وتعقيدات رسالتها العلمية!

أسير اليوم في الجامعة بعد تخرجي بشعور مختلف، أسائل نفسي كيف مرت تلك الفصول المتعاقبة وأنا من تمنى أن تمضي.. كيف؟ يالريبعها الرائع! وخريفها الساحر! يال شتائها العاصف وصيفها المزهر! أين كنت أنا ؟ كيف مرت كل هذه الايام؟

كنت أزور الجامعة في كل الفصول ! لكنني لم آخذ حقي من الطبيعة الرائعة على الأقل، رغم محاولتي في اصطحاب الكاميرا الاحترافية لكنني قلما كنت أستطيع أن ألتقط صورا للذكرى هنا وهناك! قلما جلست تحت أشجارها أرتشف قهوتي المسائية الدافئة! ياااه لو كنت أعلم ذلك لكنت استمتعت كثيرا وكثيرا جدا!

وكذا حالك يا صديقي فأنت تفكر أيضا بمرحلة ما مرت دون أن تحدث لك فرقا فيها، صديق ما قد قصرت كثيرا حيال صداقتك معه، عائلتك التي لا تعطيها وقتك لانشغالك بمتطلبات الحياة والعمل، وظيفتك التي تستطيع أن تبذل فيها الكثير من الجهد ليكون رزقك حلالا، موهبتك التي ما زلت تدفنها كلما لاح طيف الحماس حيالها، حتما لدينا الكثير الكثير الذي قد يحدث فارقا عجيبا في ميزان سعادتنا لو كنا ندري!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.