شعار قسم مدونات

العلم

blog-مكتبات

في البداية أطرح السؤال التالي الذي سأبني عليه الموضوع: لماذا لا يذكر ولا يتذكر المسلمون أنهم في وقت ما كانوا قوة العالم لما كان 90 بالمئة منهم ذوي عقول نشطة في جميع مجالات العلم؟ ألم يستنتجوا أن الغرب عرف تركيبة القوة التي أساسها العلم لذا هو الآن الآمر والناهي في العالم؟

الأمر ليس سياسيا كما يعكسه السؤال وليس عن كيفية الظفر بالقوة، بل هو تركيز على مبادئ الإنسان وتصنيف للأخلاق وواجب الإنسانية أو بالأحرى مهمتها في الحياة، فعند قدوم الإسلام الذي هو في نظري الوحدة المركزية الجامعة لجميع المعلومات التي قدمها الأنبياء السابقين، الإسلام وهو الدين الذي أتم في الأرض بعدة مراحل أولها مهمة سيدنا آدم إلى آخرها الجامع والمعمم والمطبق الأخير لكلام الله في الأرض سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

دائما ما نجد في القرآن الكريم دائما ما يحثنا في آياته على التأمل والتفكر والتعقل والتعلم ﻷننا سنكشف كل غامض.

هذه المرحلة الطويلة بالنسبة للإنسان عزم الله فيها أن يكون رؤوفا بالأمة وتعليمها من أفعالها ماهية الخير والشر عن طريق أنبياء منهم في كل مرة يعطون للناس حقائق قاطعة حول وجود الله، وتذكيرهم في مهمتهم التي خلقوا وأعطوا لأجلها "العقل"، فكان كما علم الناس دائما أن أساس الحقيقة والحكمة هو العلم، أساس كل من جاء وتكلم وقال أن الله واحد.

وبهذا لم يفضل الله نفسه وأنبيائه على الناس عامة، بل أوضح أنه خلق للإنسان كل شيء وسخر له ما في السماوات والأرض ليكون وطنه الذي يحيى ويسعى فيه ويحقق مهمته بوجود الخير والشر معا بامتياز، لذا دائما ما نجد في القرآن الكريم دائما ما يحثنا في آياته على التأمل والتفكر والتعقل والتعلم ﻷننا سنكشف كل غامض أو مظلم أو مستور في هذا العالم المليء بآيات كثيرة وستتبين لنا القيم التي فيها الخير والشر.

فلا يوجد رأيان مختلفان في الإسلام، إذا ما أعطى كل فرد الفرصة لنفسه في حياته لكي يبقى على تفكير وتأمل في كل شيء قبل أن يقرر أو يفعل ثم يعيد النظر بعد التطبيق، كل هذا سيصفي الأفكار جيدا وتظهر له القيم على حقيقتها، أي الحقيقة التي من المستحيل أن يجدها فرد آخر مختلفة إذا ما عمل بنفس الطريقة.

المسلمون الآن بعضهم يملك عشقا كبيرا للدين، وبعضهم مسلم ولكنه يعيش حياة مفتوحة لرغباته، ولكنهم يمرون على الدنيا مرور الكرام بدون أي تقدم في مهمتهم، وبالتالي يسبقهم المسلمون الحقيقيون الذين يمثلون 10 بالمئة منهم الآن، الذين لا يتكلمون كثيرا بل يفعلون ليلاحظوا ويتأملوا ويتفكروا ثم يستنتجون وهكذا، هذا هو حال من عرف كيف أفلح المؤمنون وطبقه.

انظر وتأمل وتفكر وفكر بطريقة موضوعية لما تراه في هذه الدنيا، سيتبين لك الحق من الباطل.

الغير مسلمون تخلوا عن القيم العليا لأنهم لم يحاولوا معرفتها من المسلمين بل ركزوا جل بحثهم حول كيفية الرقي ودحض المشاكل و"القيم الغبية والسلبية" ونشر الأخلاق الصحيحة في قلوب الناس لتصبح غريزية لا حاجة لتذكيرهم وحثهم عليها، فوجد أن المسلم في ذلك الوقت يعتمد على العلم كشكل من أشكال العبادة وكأنه عمل يدر عليه أموالا طائلة، فوجدوه يدر عليه بمعلومات أكثر قيمة من المال، فعوض الانخراط في المسلمين قاموا بالإبادة والأخذ بالقوة وإذلال المسلمين ﻷنهم كانوا أقوياء بالفطرة لا بالجيش.

زُرعت الأفكار، تقسمت الأمة وسُرقت، انهار عمادها وتفرقت أخلاقها وقيمها ولغاتها وأفكارها، ضاع الحق وقام القتال حوله، ضاع العلم والعقل وانفجر حب المادة وحب التملك والاكتساب، قتال كل من دخل حدودي كما تفعل القطط الكبيرة، الاستعانة بغير المسلمين فيأتون كالملاك الأبيض الحلاّل للمشاكل، عُميت الأمة، كَثُر الكلام حول صحة الأحاديث، الشيعة، السنة، الإباضية، الوهابية، كرة القدم، النساء..

اظفر بالعلم، ثم امنح نفسك وقتا خارج عالمك وأفكارك ومبادئك ودينك، ثم انظر وتأمل وتفكر وفكر بطريقة موضوعية لما تراه في هذه الدنيا، سيتبين لك الحق من الباطل.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.