شعار قسم مدونات

مهزلة انتخابات الرئاسة

Lebanese President Michel Aoun gestures to his supporters during an event celebrating his presidency, at the presidential palace in Baabda, near Beirut, Lebanon November 6, 2016. REUTERS/Mohamed Azakir TPX IMAGES OF THE DAY
حسم الأمر، وانتخب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، فبعد أن شهدت أروقة السياسيين تجاذباً وتباعداً بين حين وآخر، اتفق على انتخاب العماد، كان التأييد شبه جامع لفرق 14 و8 آذار. فمن ظنّ أن يتحالف الخصمان بعد كل هذا العداء.

اليوم، سقط القناع عن 127 نائباً لبنانياً حضروا جميعهم المجلس النيابي لانتخاب الرئيس، لم يأخذ هؤلاء بعين الاعتبار، أنهم عطلوا البلد على مدار عامين ونصف، شلل وفراغ كان سيد المشهد، وازاداد الأمر سوءاً عندما اقتتل الشعب من أجل إرضاء زعمائهم.

انتخب الجنرال رئيساً ليصبح الرئيس الـ 13 للجمهورية، بعد أن توافق على ترشيحه أعداؤه في الأمس القريب.

ينص الدستور اللبناني على أن رئيس الجمهورية اللبنانية هو الذي يسهر على حماية الوطن والشعب والدستور، فهل ينجح العماد بتحقيق هذا؟

طيلة 10 سنوات مضت، شهدت الساحة اللبنانية الكثير من الإشكالات، استشهد الرئيس رفيق الحريري، عقبها شن اسرائيل حرباً على لبنان عرفت بحرب تموز، تبع ذلك دخول حزب الله بيروت بما عرف بـ 7 أيار، ثم الاثنين الأسود واقتتال الجامعة العربية، تبعها اشتباكات طرابلس وصيدا والتفجيرات الإرهابية التي طالت كافة الأراضي اللبناينة، راح ضحية كل ذلك استشهاد المئات من أبناء الشعب اللبناني.

انتخب الجنرال رئيساً ليصبح الرئيس الـ 13 للجمهورية، بعد أن توافق على ترشيحه أعداؤه في الأمس القريب، سمير جعجع وسعد الحريري كانوا أبرزهم. فوصل ابن الـ 81 عاماً إلى كرسي الرئاسة من جديد، بأصوات 83 صوتاً من أصل 127.

ليست المرة الأولى التي يدخل بها الرئيس عون القصر الرئاسي، فقد سبق له أن استلم زمام الحكم بعد تسلمه للحكومة العسكرية عام 88 وبقي في الحكم إلى أن هرب إلى فرنسا بعد قصف الجيش السوري للقصر عام 90.

عادى العماد في فترة حكمه الأولى حلفاء اليوم، فهو الذي نادى بسحب سلاح حزب الله، وانسحاب الجيش السوري من لبنان، إلى أن عاد عام 2005 من منفاه وتحالف معهم.

نسي عماد الدولة أنه هو من أشعل لهيب الحرب في لبنان، فقصفَ بيروت وعدة مناطق لبنانية بحجة سحب سلاح الميليشيات، وأعلن حرباً على الوجود السوري في الأراضي اللبنانية، ما زاد من تعقيد المشهد السياسي على الساحة اللبنانية.

صمّتِ الفرق السياسية آذانها عن صوت الشارع اللبناني، الرافض لانتخاب ميشال عون رئيساً للبلاد. رفض سني عارم لترشيحه، انقسام شيعي بين مؤيد ومعارض له، وانقسام مسيحي ربما كان للأخير تأثيره الواضح على ممثليه من السياسيين.

"يا عيب الشوم" قالها رئيس المجلس النيابي "نبيه بري" بعد أن أعيد توزيع أوراق الانتخاب للمرة الرابعة على النواب، فيلم مكسيكي قاده رئيس المجلس بصحبة النواب المقترعين، "ميريام كلينك" كانت من بين المرشحات للرئاسة والورقة الزائدة صاحبة الرقم 128 تواجدت مرتان في الصندوق، ما يعني إعادة الانتخاب مرة أخرى بسبب "الغش"، بحث النواب عن الحل فما كان إلا بجلب "حارسي أمن" من النواب لكشف المزورين.

أما الشارع اللبناني، فكان الجميع يترقب بحذر على شاشات التلفزة، الكل متأثر، بعضهم يدعو من جلّ قلبه أن تحدث "المعجزة" وتلغى الانتخابات، وآخرون يدعون لنجاح الجنرال، ولكن العامل المشترك أن الجميع ضحك على نكت الرئيس بري وملاحظات غيره من النواب.

الجميع يتساءل، هل يتغير العماد ويعمل من أجل مصلحة البلاد والنهوض بها، أم تبقى الأمور على حالها ما يعني أن تسوء البلاد أكثر فأكثر.

"مدرسة المشاغبين"، "رسوب الرئيس بالدورة الأولى"، "ضربات بيلانتي للنواب" هي أبرز النكت التي تناولها رواد مواقع التواصل.

كيف لا يفرح ويضحك الشعب، وقد كانت أجواء الانتخابات "مهزلة"، فنواب لبنان كما يعرف عنهم، لا يفرقهم سوء تفاهم عمره عشر سنين، بل يحترمون عقول الشعب الذي أوصلهم إلى قبة البرلمان، نكتة أخرى طبعاً هي تلك.

انتهت الانتخابات، وانتشى البعض فرحاً بالانتصار، وغضب آخرون تخوفاً من القادم، عنصرية تجاه الطائفة السنية ينتظرها البعض، وتخوف لما هو قادم بحق اللاجئين فلسطينيين كانوا أم سوريين، بينما أحدهم لا يستطيع نسيان الماضي ومسامحة الجنرال.

والجميع يتساءل، هل يتغير العماد ويعمل من أجل مصلحة البلاد والنهوض بها، أم تبقى الأمور على حالها ما يعني أن تسوء البلاد أكثر فأكثر. المستقبل يرسم طريقين، لا ثالث لهما، فإما اقتتال فثورة وتقسيم، أم تفاهم فتطور ونهوض، فإلى أين سيسير العماد ميشال عون بالبلاد، الجميع في ترقب وانتظار.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.